بيان أن إنكار رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- طعن في الرب -تبارك وتعالى-:
بيان ذلك أنه إذا كان سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ليس بنبي صادق بل ملِك ظالم، فقد تهيأ له أن يفتري على الله ويتقول عليه، ويستمر حتى يحلل ويحرم، ويفرض الفرائض، ويشرع الشرائع، وينسخ الملل، ويضرب الرقاب، ويقتل أتباع الرسل وهم أهل الحق، ويسبي نساءهم، ويغنم أموالهم وديارهم، ويتم له ذلك حتى يفتح الأرض وينسب ذلك كله إلى أمر الله له به ومحبته له، والرب تعالى يشاهده وهو يفعل بأهل الحق ما يفعل من افتراء عليه لمدة ثلاث وعشرين سنة وهو مع ذلك كله يؤيده، وينصره، ويعلي أمره، ويمكن له من أسباب النصر.
هذا إن كان الأمر كذلك، فهذا طعن في الرب -تبارك وتعالى- لأنه كيف يتركه الله -سبحانه وتعالى- أن يفعل ذلك كله ولا يعاقبه، وسنة الله التي قد خلت من قبل أنه لا يترك أحدًا يفتري عليه ويكذب عليه، ولذلك يقول تعالى:{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ}(الطور: ٣٠، ١٣).