[تعريف الربا، وبيان الأدوار التي مر بها تحريمه، ومشروعية التحريم]
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أولًا: تعريف الربا لغةً وشرعًا:
الربا في اللغة الزيادة مطلقًا، يقال: ربا الشيء يربو، إذا زاد، ومنه قوله تعالى:{اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}(الحج: ٥) أي: زادت، وفي الشرع: زيادة يأخذها المقرِض من المستقرِض مقابل الأجل.
حكمة مشروعية تحريم الربا:
إذا كان من غير المعقول في الإسلام وموقفه هكذا من مبدأ التعاون، أن يباح للغني أن يقبض يده عن معونة أخيه الفقير، أو عن المساهمة في إقامة المصالح العامة، فمن غير المعقول بوجه أبعد وأشد أن يُباح له شد الخناق على رقبة أخيه الفقير، أو دولته الفقيرة المحتاجة، فيفرض عليه أو عليها في مقابلة المعونة الواجبة دراهم معدودة، يردها إليه أخوه الفقير المحتاج، أو دولته الفقيرة المحتاجة، زيادة على رأس ماله الذي أقرضه إياهم؛ سدًّا للحاجة، أو إقامة للمصلحة.
ومن هنا حرّم الإسلام -إبقاءً على هذه المبادئ الإنسانية، تحريمًا قاطعًا- أن يتخذ الغني حاجة أخيه الفقير، أو دولته المحتاجة، فرصة لاكتساب المال عن هذا الطريق، الذي لا خير فيه للمجتمع ولا للأفراد، والذي يجعل الغني في تربص دائم لحاجة المحتاجين، يستغلها في زيادة ماله دون عمل يحقق به نسبته إلى المجتمع، وجزأيته في بنائه، والذي ينزع من قلبه الشعور بالوحدة ومعاني الرحمة والعطف، التي هي من خصائص الإنسان الفاضل، قال تعالى: