الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالإيمان بالبعث دل عليه: الكتاب والسنة والعقل، والفطرة السليمة:
فأخبر -الله سبحانه وتعالى- عنه في كتابه العزيز، وأقام الدليل عليه، ورد على منكريه في غالب سور القرآن الكريم، وذلك أن الأنبياء -عليهم السلام- كلهم متفقون على الإيمان بالآخرة، فإن الإقرار بالرب عام في بني آدم، وهو فطري، كلهم يقر بربوبيته -سبحانه وتعالى- إلا مَن عاند كفرعونَ، بخلاف الإيمان باليوم الآخر، فإن منكريه كثيرون.
وسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- لما كان خاتم الأنبياء، وكان قد بعث هو والساعة كهاتين، كما قال -صلى الله عليه وسلم- هذا الحديث أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة.
وكان -صلى الله عليه وسلم- هو الحاشر المقفَّى، روى هذا الحديث الترمذي في (الشمائل) من حديث حذيفة بن اليمان.
لما كان منكرو البعث كثيرين بيّن -سبحانه وتعالى- تفصيلَ الآخرة بيانًا وافيًا، ولهذا ظن طائفة من المتفلسفة ونحوهم أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يخفِ شيئًا من أمر اليوم الآخر، وظنوا أنه لم يفصح بمعاد الأبدان إلا سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وجعلوا هذا حجة لهم في أنه من باب التخييل.
إذن رسالة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بينت تفصيل الآخرة بيانًا لا يوجد فيه شيء من كُتُب الأنبياء، والقرآن الكريم بين معادَ النفس عند الموت، ومعادَ البدن عند القيامة الكبرى في غير موضع. وهؤلاء الكافرون ينكرون القيامة الكبرى، وينكرون معاد الأبدان، ويقول مَن يقول منهم: إنه لم يخبر به إلا محمد -صلى الله عليه وسلم- عن طريق التخييل، وهذا كذب.