مع أدوية أخرى معروفة في كتب الطب، فإذا أكله الإنسان تصرف تصرفًا غير سليم، فيقول الناس: به مس أو إنه مسحور.
قال أبو بكر الجصاص -وحكمة كافية تبين لك أن هذا كله مخاريق وحيل-: "لا حقيقة لما يَدَّعون لها أن الساحر والمعزي لو قدر على ما يدعي به من النفع والضرر، وأمكنهما الطيران والعلم بالغيوب، وأخبار البلدان النائية والخبيئات والسرق، والإضرار بالناس، لقدروا على إزالة الممالك واستخراج الكنوز، والغلبة على البلدان بقتل الملوك، بحيث لا ينالهم مكروه، ولاستغنوا عن الطلب لما في أيدي الناس، فإن لم يكن كذلك، وكان المُدّعون لذلك أسوأ الناس أحوالًا، وأكثرهم طمعًا واحتيالًا، وتوصلًا لأخذ دراهم الناس، وأظهرهم فقرًا وإملاقًا، علمتَ أنهم لا يقدرون على شيء من ذلك".
المعتزلة لهم أدلة على كلامهم:
استدل المعتزلة على أن السحر ليس بحقيقة بعدة أدلة؛ من أهمها:
أ- قوله تعالى:{سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ}(الأعراف: ١١٦). وقوله تعالى:{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}(طه: ٦٦). فالآية الأولى تدل على أن السحر إنما كان للأعين فحسب، والثانية أن هذا السحر كان تخييلًا لا حقيقة. وقوله تعالى:{وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}(طه: ٦٩).
فهذا يثبت أن الساحر لا يمكن أن يكون على حق لنفي الفلاح عنه. وقالوا: لو قدر الساحر أن يمشي على الماء أو يطير في الهواء أو يقلب التراب إلى ذَهب على الحقيقة، لبطل التصديق بمعجزات الأنبياء، والتبس الحق بالباطل، فلم ي عد يُعرف النبي من الساحر؛ لأنه لا فرق بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة، وأنه جميعه من نوع واحد.