الصوم الذي يجمع صورته، وهي الإمساك عن المفطرات ومعناه، وهو تقوية روح الإيمان بالمراقبة، وبهذا جمع الصائم بصومه بين تخلية نفسه، وتطهيرها من المدنسات، وتحليتها وتزكيتها بالطيبات.
- أثر الصيام في النفوس والأبدان:
الصوم طاعة لله تعالى، يثاب عليها المؤمن ثوابًا مفتوحًا لا حدود له؛ لأنه لله سبحانه، وكرم الله واسع، وينال بها رضوان الله، واستحقاق دخول الجنة من باب خاص، أُعد للصائمين يقال له الريان. روى البخاري ومسلم والنسائي والترمذي عن سهل بن سعد، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((إن في الجنة بابًا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخله منه أحدٌ غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)).
والصائم بصومه هذا يبعد نفسه عن عذاب الله؛ بسبب ما قد يرتكبه من معاصي، فهو كفارة للذنوب من عام لآخر، وبالطاعة يستقيم أمر المؤمن على الحق، الذي شرعه الله -عز وجل- وذلك لأن الصوم يُحقق التقوى، التي هي امتثال الأوامر الإلهية واجتناب النواهي، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}(البقرة: ١٨٣).
والصوم مدرسة خُلقية كبرى، يتدرب فيها المؤمن على خصال كثيرة، فهو جهاد للنفس، ومقاومة للأهواء ونزغات الشيطان التي قد تلوح له، ويتعود به الإنسان خلق الصبر على ما قد يُحْرَم منه، وعلى الأهوال والشدائد التي قد يتعرض لها، إذ يجد الطعام الشهي يُطبخ أمامه، والروائح تُهيِّج عصارات معدته، والماء العذب البارد يترقرق في ناظريه، فيمتنع منه، منتظرًا وقت الإذن الرباني بتناوله.