الصراع بين الحق والباطل قديمٌ قِدمَ هذه الحياة لا يهدأ ولا ينتهي ولا يزول إلى أن يرث الله الأرضَ ومَن عليها، وإليه يرجعون، ولا بُدَّ لكل أمة من أمم الأرض تريد أن تحيا حياةَ العزة والكرامة من أن تستعد الاستعداد الكامل لمجابهة عدوها بكل ما تملك من قوة، وأن تأخذ بأسباب النصر، فتهيئ شبابها للجهاد والقتال؛ لأنه لا عيش في هذه الدنيا إلا للأقوياء، ولا منطق إلا للقوة، وقديمًا قال شاعرنا العربي:
ومن لا يظلم الناس يظلم ... ومن لم يزد عن حوضه بسلاحه يهدَّم
والإسلام دين الله إلى الإنسانية يهتم بدعوة الناس إلى الدخول في هدايته، والانضواء تحت رايته؛ لينعموا بحياة الأمن والاستقرار، ويعيشوا العيشة الكريمة التي أرادها الله لبني الإنسان، وإن الأمة الإسلامية هي الأمة التي اختارها الله لإعلان دينه، وتبليغ وحيه، وإيصال هذا الهُدى والنور إلى أمم الأرض، فإذا وقف أحد في طريق الدعوة، وأراد أن يصدها عن المضي في طريقها، فلا بد من دحره وتطهير الأرض من شره؛ لتصل هداية الله إلى النفوس، وتعلو كلمة الحق، ويأمن الناسُ على حريتهم الدينية في الإيمان بالله الواحد القهار.
ولذلك شرع الله القتال لدفع عدوان الظالمين، ولتحطيم كل قوة تعترض طريق الدعوة وإيصالها للناس في حرية واطمئنان، وصدق الله حيث قال:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}(البقرة: ١٩٣) ولا يقاتل إلّا الباغي المعتدي، الذي يريد أن يفرض إرادته على الأمة بالقهر والسلطان، وأن يصد الناس عن دين الله بقوة الحديد والنار، ويفتن المؤمن بوسائل الفتنة والإغراء، قال تعالى:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين}(البقرة: ١٩٠).