يناسب قصاصًا بهتك العرض، وإنما يناسبه لون آخر من العقاب، ومن استقرأ العقوبات في القرآن الكريم يلاحظ أنّ كل عقوبة فيه لها غرض محدد يتناسب مع الجريمة، ولا يهمل النظر إلى المجرم إلّا في الجرائم الخطيرة؛ الحدود والقصاص، فإن بشاعة ما ارتكب لا يبقي له عذرًا.
والسمات التي قررها القرآن الكريم في علاج العقوبة تتسم بالسمات التالية:
١ - إرهاب الغير: حتى لا يقدِمَ على مثل الجريمة التي يعاقَب عليها غيره، فاللصّ الذي يرى قطع يد لصٍّ آخر، لا أظن أن يبقى للإجرام مكان في ذهنه.
٢ - توفير الطمأنينة للجماعة وحمايتها، فهي تحدُّ من طغيان المجرم، وتجعله أضعف مِمَّا كان قبل، قال تعالى:{ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا}(المائدة: ٣٣).
٣ - الدفاع الذي يتنازل عنه الأفراد للجماعة، فما من سلطان للجماعة إلّا من قوة الأفراد الذين يتنازلون عن بعضها لحسابِ الجماعة، فكل فرد يُطالِب بحمايته، ويتنازل عن شيء للجماعة، فإذا وقعت عقوبة القطع مثلًا على فرد، فقد وقَعَ عليه ما يطالب به الجماعة لو كان هو المسروق منه، فهي عقوبة دفاعية لا استبدادية.
المنفعة والكفاية: فالعقاب عقاب، وليس هَوْلًا أو ترويحًا، فما قيمة لونٍ من العقاب لا ينفع ولا يفيد، بل يغري ويشجع؟
٥ - العدالة كمًّا وكيفًا: فلا تضخَّم العقوبة لجريمة تافهة، ولا تقلّل العقوبة لفعل فاضح.
٦ - التأديب والإصلاح: ومعاونته لاسترداد مكانته، فالجلد مثلًا: لا يعوقه عن الرجوع لحالته الطبيعية بعد قليل.