تنادى جنهم: هل امتلأت واكتفيت، ولكنها تتلمظ وتتحرق وتقول في كظة الأكول: هل من مزيد، فياللهول الرهيب!
إن مشهد البعث مزلزل عنيف رهيب، هو أشد رهبةً من التهويل، هو مشهد حافل بكل مرضعة ذاهلة عما أرضعت تنظر ولا ترى، تتحرك ولا تعي، وبكل حامل تسقط حملها للهول مروع ينتابها، وبالناس سكارى وما هم بسكارَى، يتبدَّى السكر في نظراتهم الذاهلة، وفي خطواتهم المترنحة، مشهد مزدحم بذلك الحشد المتماوج، تكاد العين تبصره لحظةَ التلاوة، بينما الخيال يتملاه، والهول الشاخص يذهل، فلا يكاد يبلغ أقصاه، وهو هول حي لا يقاس بالحجم والضخامة، ولكن يقاس بوقعه في النفوس الآدمية في المرضعات الذاهلات عما أرضعن، وما تذهل المرضعة عن طفلها وفي فمه ثديها إلا للهول الذي لا يدع بقية من وعي، والحوامل الملقيات حملهن، وبالناس سكارى وما هم بسكارى، يبين الله ذلك بقوله:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد}(الحج: ٢).