للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلفظ: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ» وليس فيه الترجمة، وروى الخطابي في العزلة عن ابن عائشة قال: «ما أمر الله عباده بما أمر إلا وللشيطان فيه نزعتان فإما إلى غلو وإما إلى تقصير، فبأيهما ظفر قنع» . قال النووي: " المتنطعون، أي: المتعمقون المغالون والمجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم (١) .

كما جاء في أحاديث أُخَر أن التشديد على النفس سبب لوقوع التشديد من الله، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدِّدَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ؛ فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ، رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ» (٢) . وهذا التشديد على النفس الذي هو ضرب من ضروب الغلو، بينت السنة أن عاقبة صاحبه إلى الانقطاع، وأنه ما من مشاد لهذا الدين إلا ويغلب وينقطع. فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ وَلَا يُشَادُّ (٣) الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا،


(١) شرح مسلم، ج١٦، ص ٢٢٠.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) يشاد الدين: أي يقاويه ويقاومه، ويكلف نفسه من العبادة فيه فوق طاقته، والمشادة المغالبة ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث، ج٢، ص ٤٥١، وينظر ابن حجر، فتح الباري ج١، ص ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>