عليك وإن دعوك إليه، فإن من اشتغل بما لا يعنيه فاته ما يعنيه، ومن انحل في الباطل جمد عن الحق، فكن مع الناس في الخير، وكن بمعزل عنهم في الشر، وتوخ أن تكون فيهم شاهدا كغائب وعالما كجاهل. وعن مكحول عن حذيفة قال: قال رسول الله: «لِلسَّاعَةِ أَشْرَاطٌ، قِيلَ: وَمَا أَشْرَاطُهَا؟ قَالَ: غُلُوُّ أَهْلِ الْفِسْقِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَظُهُورُ أَهْلِ الْمُنْكَرِ عَلَى أَهْلِ الْمَعْرُوفِ. قَالَ أَعْرَابِيٌّ: فَمَا تَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: دَعْ وَكُنْ حِلْسًا مِنْ أَحْلَاسِ بَيْتِكَ»(١) .
عن جابر رضي الله عنه مرفوعا بلفظ:«إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، وَلَا تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عَبَادَةَ اللَّهِ، فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا أَرْضًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى» . واختلف في إرساله ووصله، ورجح البخاري في تاريخه الإرسال، وأخرجه البيهقي أيضا والعسكري عن عمرو بن العاص رفعه لكن بلفظ:«فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا سَفَرًا قَطَعَ وَلَا ظَهْرًا أَبْقَى» وزاد: «فَاعْمَلْ عَمَلَ امْرِئٍ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَمُوتَ أَبَدًا وَاحْذَرْ حَذَرًا تَخْشَى أَنْ تَمُوتَ غَدًا» وسنده ضعيف. وله شاهد عند العسكري عن علي رفعه:«إِنَّ دِينَكُمْ دِينٌ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ، فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لَا ظَهْرًا أَبْقَى وَلَا أَرْضًا قَطَعَ» وفي سنده الفرات بن السائب ضعيف. وهذا كالحديث الآخر الذي أخرجه البخاري وغيره عن أبي هريرة:«إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ» وروى أحمد عن أنس
(١) قال أبو نعيم: غريب من حديث مكحول لم نكتبه إلا من حديث حمزة. حلية الأولياء ج: ٥ ص: ١٨٧.