والآيتان دليل على أمر الله تبارك وتعالى بما هو مقتض لخيرية هذه الأمة، وكون أهلها عدولا؛ فأمر بالحكم بالعدل؛ ليس فقط في حكمهم بعضهم على بعض، بل حتى في حكمهم على أعدائهم.
والعدل في الحكم مع الأعداء من مظاهر هذه الخيرية التي خص الله عز وجل بها هذه الأمة.
(٥) نهيه عن الغلو في دعاء الله عز وجل، و «الدعاء هو العبادة» ، حيث أمر بالتوسط فيه دون الجهر وفوق المخافتة، فقال الله تبارك وتعالى:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}[الإسراء: ١١٠](الإسراء: ١١٠) .
والأمر بابتغاء السبيل بين ذلك يعني أن يكون الدعاء تضرعا دون الجهر وفوق السر، فهذا مظهر من مظاهر الأمر بالتوسط في العبادة، التي هي الدعاء.
(٦) نهيه عن الغلو في طلب الدنيا، فلم يأمر بترك الدنيا، والخروج إلى الفيافي، كما لم يأمر بالاستغراق فيها، وكأن الإنسان لا محل له إلا هذه الحياة