للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن جميع التشريعات الإلهية المنتظمة لكافة شؤون الحياة تتجلى فيها مظاهر الوسطية في أبهى حللها وأسمى معانيها.

ومن جانب الإفراط والتفريط فقد اهتدى لأن الحق وسط بين هذين وهو حسنة بين سيئتين.

ولذا حارب الدين الإسلامي الغلو فأمر بالاستقامة وحذر من تعدي الحدود وتجاوز الوسطية، فمتعدي الحدود ظالم والمنحرف عن نهج الاستقامة طاغ والغلو في الدين نهج الضالين من النصارى ومن حذا حذوهم. والمتنطعون من الهالكين، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» قَالَهَا ثَلَاثًا أخرجه البخاري ومسلم وغيره (١) .

والمتنطعون هم المتعمقون المغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم (٢) وعندما لقط ابن عباس لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات مثل حصى الخذف لرمي الجمار وضعهن في يده وقال: «نَعَمْ، بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ» (٣) وهو حديث صحيح صححه الأئمة.


(١) رواه مسلم (٤ / ٢٠٥٥) في العلم: باب هلك المتنطعون: وأبو داود رقم (٤٦٠٨) من كتاب السنة: باب في لزوم السنة وأحمد في المسند (١ / ٣٨٦) .
(٢) النووي شرح صحيح مسلم (١٦ / ٢٢٠) .
(٣) رواه أحمد (١ / ٣٤٧ - ٢١٥) وابن خزيمة ٤ / رقم (٢٨٦٨، ٢٨٦٧) والنسائي في الحج (٥ / ٢٦٨) باب التقاط الحصى وابن ماجه رقم (٣٠٢٩) في المناسك باب قدر حصى الرمي وصححه الحاكم (١ / ٤٤٦) ووافقه الذهبي كما صححه الإمامان ابن تيمية في الاقتضاء (١ / ٢٨٩) والنووي في المجموع (٨ / ١٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>