للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين طرفي الإفراط والتفريط في كل الأخلاق وفي كل الأعمال) (١) فاقتضت حكمة التشريع أن نكرر هذا الدعاء المشير إلى الوسطية في اليوم والليلة سبع عشرة مرة، لنستمسك بهدي الله تعالى، وتكون أعمالنا وفق قوانين الوسطية، السليمة من داء الابتداع والاختراع، فالسنن الشرعية نجوم تهدي في ظلمات التحير، والمبتدعات ظلمات تحير معتنقها.

وكأن النجوم بين دجاها ... سنن لاح بينهن ابتداع

وكما كانت الوسطية من أبرز خصائص أمة الاستجابة جعلت علة لتكليف الأمة بالشهادة على الأمم {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣] والشهادة لا تقوم إلا بالعدل ولا تقبل إلا من عدل (٢) ويسر الإسلام وسماحته ورفع الحرج عن أتباعه ودعوته إلى مكارم الأخلاق من الظهور بحيث لا تحتاج إلى مزيد بيان، بل إن صاحب الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» (٣) .

وإنما الوسطية في الإسلام قطب رحى العدل لأنها متمخضة عن الاعتصام بالكتاب والسنة والالتزام بمنهج أهل السنة والجماعة قولا وعملا واعتقادا ذلك


(١) الآلوسي: روح المعاني (١ / ٩٢) ط دار الفكر.
(٢) فتح الباري (١٣ / ٦١٣) ط دار الفكر.
(٣) حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>