للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَفْعول، ولا مُضاف من منعوت، ولا تعّجب من استفهام ولا صَدْر من مَصْدر، ولا نَعت من تأكيد.

وزعم قوم أن الفلاسفة قد كان لهم إعراب ومؤلَّفات نَحْو، وهو كلام لا يَعَّرج على مثله وإنّما تشبَّه القوم آنفاً بأهل الإسلام، فأخذوا من كتب علمائنا وغيَّروا بعض ألفاظها، ونسبُوا ذلك الى قوم ذوي أسماءَ مُنكرة، بتراجم بَشِعَة، لا يكاد لسانُ ذي دينٍ ينطق بها وادَّعَو مع ذلك أن للقوم شعراً، وقد قرأناه فوجدناه قليل المآثر والحلاوة، غير مستقيم الوزن (١).

ثم للعرب العَروض التي هي ميزانُ الشِّعْرِ، وبها يُعْرف صحيحه (٤٣/ ... ) من سقيمه ولهم حِفْظ الأنساب، وما يُعْلَمُ أحدٌ من الأمم عُنَي بحفظ النَّسب عناية العرب، ثم انفردت بالهَمْز في عَرْض الكلام مثل قرأ، ولا يكون في شيء من اللغات إلا إبتداء واختصت لغتهم بالحاء والظاء، وزعم قومٌ: أن الضاد مقصورة على العرب دون سائر الأمم وانفردت بالألف واللام للتَّعريف كقولنا: الرّجل والفرس؛ وليستا في شيء من لغات الأمم غير العرب، ولهم التَّصريف، والإعراب، وفي الإعراب تُميَّزُ المعاني، ويُوقَف على أغراض المتكلمّين وذلك إنّ ما أحسن زيدٌ غير مُعْربٍ، لا يُوقف على مراده فإذا قال: ما أحسن زيداُ، بانَ بالإعراب المعنى الذي أرآده، وللعَرَب في ذلك ما ليس لغيرهم، فهم يُفَرّقُون بالحركات وغيرها بالمعاني، يقولون: مِفْتَح للآلةِ ومَفْتَح لموضعِ الفَتْح، وامرأة طاهرٌ من الحَيْض، وطاهرة من العيوب، لأن الرجل لا يشركها في الحيض، ويشركها في الطهارة، الى غير ذلك من الأمثلة ومَنْ فاته علم التصريف فاتَه المُعْظم لإنا نقول: وَجد، وهي كلمة مُبْهَمَة فإذا صَرفت أفصحتَ، فقلت في المال: وُجْدا، وفي الضّالة: وجدانا، وفي الغضب: مَوْجِدَةً، وفي الحُزْن: وَجْدا، ويقال: القاسط للجائر، والمُقْسِط للعادل، فتحَّول المعنى بالتصريف من الجَوْر الى العَدْل، وأمثلة ذلك كثيرة لا تكاد تنحصر، ولهم باب النظم لا يقوله غيرهم، كعادَ فلانٌ شيخاً، وهو لم يكن شيخاً قط، وعادَ الماء آجناً، وهو لم يكن آجناً فيعود (٢).

ومن سننهم مخالفة ظاهر اللفظ معناه كقوله عند المدح: قاتله الله ما أشْعره، والاستعارة كانْشقَّتْ عَصَاهم إذا تفرَّقوا، وكشَفَتْ عن ساقها الحربُ، وللبليد حمار.


(١) الصاحبي في فقه اللغة:٤٣،٤٧،٧٧، ينظر: فقه اللغة الثعالبي: ٢٠٠، المزهر: ١/ ٣٢٥ - ٣٢٨.
(٢) الصاحبي في فقه اللغة: ٧٨،١٠٠،١٩٠،١٩١،٢٦٦، ينظر: المزهر ١/ ٣٢٨ - ٣٣٠.

<<  <   >  >>