للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالإضافة إلى الخطر الصليبي المتجذر، كان قد ظهر على الساحة خطر لا يقل خطورة - بل هو أشد خطراً - من الخطر الصليبي، ألا وهو غزو المغول لبلاد الإسلام، إذ بعد سقوط بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية على يد هولاكو عام ٦٥٦هـ (١)، وزَحْف المغول باتجاه بلاد الشام واحتلالهم لدمشق عام ٦٥٨هـ (٢)، ومن ثَمَّ محاولة الزحف باتجاه مصر، حيث كان المماليك قد تنبّهوا لذلك، وخرجوا بجيوشهم لملاقاة المغول في موقعة عين جالوت سنة ٦٥٨هـ (٣)، بقيادة السلطان المملوكي المظفر قطز (٤)، حيث حقق الله تعالى النصرَ على يديه، وبذلك استطاع المماليك من وقف الزحف المغولي، ومن ثَمَّ بدأوا باسترجاع المدن والإمارات الإسلامية من بين أيديهم حتى تمَّ تحرير سائر بلاد الشام من أيدي المغول (٥) في عهد السلطان الظاهر بيبرس (٦).

وبعد ذلك التاريخ دانت بلاد الشام كلها لحكم المماليك، ومنذ ذلك الوقت ارتبط تاريخ الشام بتاريخ مصر، بحيث لا يمكن دراسة تاريخ الشام بمعزل عن تاريخ مصر؛ وذلك لقوّة الالتحام بين مصرَ والشام في هذا العصر في مختلف مظاهر الحياة العسكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ... والثقافية، وإنَّ ما يحدث في مصرَ من حالات ضعف وقوَّة كانت بدورها تَنْعكِس على الشام إيجاباً أو سلباً.


(١) ابن كثير، البداية والنهاية (١٣/ ٢٣٥)، الذهبي، تاريخ الإسلام، حوادث سنة ٦٥٦هـ ص ٣٩
(٢) ابن كثير، البداية والنهاية (١٣/ ٢٥٦)، الذهبي، تاريخ الإسلام، حوادث سنة ٦٥٨هـ ص ٥١
(٣) ابن كثير، البداية والنهاية (١٣/ ٢٥٨)، الذهبي، تاريخ الإسلام، حوادث سنة ٦٥٨هـ ص ٦٠ - ٦١
(٤) هو السلطان الملك المظفر سيف الدين قطز بن عبد الله المعزي، صاحب موقعة عين جالوت الشهيرة التي رد فيها التتار، مات مقتولا سنة ٦٥٨هـ، انظر: ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة (٧/ ٦٧)
(٥) ابن كثير، البداية والنهاية (١٣/ ٢٦١)
(٦) هو السلطان الملك ركن الدين أبو الفتوح الظاهر بيبرس بن عبد الله البندقداري، كان ملكا شجاعا مقداما غازيا، مات مقتولا بالسم سنة ٦٧٦هـ. النجوم الزاهرة (٧/ ١٥٨)

<<  <   >  >>