للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَا لَهُ أُضِيفَ: ما أُضيف له، يعني المضاف إليه .. عدمته حذفته، ثم إذا حذفتَه هناك حالان: إما أنك تنوي لفظه، وإما أنك تنوي المعنى دون اللفظ، متى تُبنى غير؟ إذا حُذِف المضاف إليه ونُوِي معناه دون لفظه،- معروف الفرق بين الاثنين-، إذا حُذِف المضاف إليه، قلنا هو كلمة لها معنى، هذا المعنى الذي دلَّ عليه هذا المضاف إليه قد يُدلّ عليه بغير هذا اللفظ، فإذا نويتَ المعنى بقطع النظر عن اللفظ الذي دلّ عليه نقول: حُذِف المضاف إليه ونُوِي معناه، أما اللفظُ صارَ نسياً منسياً، يعني لا يلاحظ، وإذا قصدتَ اللفظ نفسه عينه بعدَ حذفِه حينئذٍ نويتَ ثبوتَ اللفظ نفسه، ومُراد الناظم هنا متى؟ إذا حُذِف المضاف إليه ونُوِي معناه صارت مبنية، فإذا لم تعدل المضاف إليه فهي مُعربة، فإذا عُدِم المضاف إليه ونُوي ثبوتُ لفظه حينئذٍ هي معربة، إذا عُدِم المضاف إليه ولم تَنوِ شيئاً حينئذٍ هي معربة .. إذن الثلاثة الأحوال، المعربة تُؤخَذ من المفهوم، وما عداه الذي هو المنطوق دلَّ على المبني.

قَبْلُ كَغَيْرُ بَعْدُ: يعني قبل وبعد كغير، في ماذا؟ هنا قَبْلُ كَغَيْرُ بالبناء، ويجوزُ (قبلٌ) كـ (غيرٌ) ولا ينكسِر الوزن، ويجوزُ (قبلُ) كـ (غيرِ)، ولا ينكسر الوزن، فحينئذٍ نقول: (قَبْلُ كَغَيْرُ بَعْدُ)، أي (قبل وبعد) كـ (غير) في ماذا؟ في الأحوال الأربعة .. أنها مُلازِمة للإضافة أولاً، ثم قد يُصرّح بالمضاف إليه وقد يُحذَف المضاف إليه ويُنوى لفظه، وقد يُحذَف المضاف إليه ويُنوى معناه، وقد تُقطع عن الإضافة، في حالة واحدة هي مبنية، وهي ما إذا حُذِف المضاف إليه ونُوِي معناه، وفي الأحوال الثلاثة الأخرى تكون مُعربة على الأصل، لكن هنا قال: (قَبْلُ كَغَيْرُ) فأطلقَ، والأصلُ أنها إذا أُعربت (قبل) و (بعد) إنما تُعرب بواحدٍ من اثنين: إما نصباً على الظرفية، وإما الخفضُ بـ (من)، وليس على إطلاق ما ذكره الناظم.

إذن: (قبل وبعد)، نقول: هذه يجبُ إعرابهما نصباً على الظرفية، هذا الأصلُ وأنها مُلازِمة للإضافة، أو خفضاً بـ (من)، وهذا كائن في ثلاث صور:

الصورة الأولى: أن يُصرّ! ح بالمضاف إليه، يُلفَظ به ما يعدم، ينطق به .. بالمضاف إليه، نحو: جئتكَ بعدَ الظهر، تقول: بعدَ هذا منصوب على الظرفية، بعد الظهر، وهي تكون ظرف مكان وظرف زمان باعتبار المضاف إليه، جئتُكَ بعد الظهر، نقول: بعد هذا منصوب على الظرفية والعامل فيه جئتُ، وقبلَ العصر كذلك منصوبٌ على الظرفية، ومِن قبله ومن بعده، من قبل الظهر ومن بعده، حينئذٍ نقولُ هنا جُرّت بمن، ((كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ)) [الحج:٤٢] منصوبٌ على الظرفية، ((فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ)) [الجاثية:٦] بَعْدَ: نقول: مُنصوبٌ على الظرفية وهو مُضاف وصُرّح بالمضاف إليه، فحينئذٍ النصبُ على الظرفية مُتعيّن، ((أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)) [التوبة:٧٠] نقول: مِن حرف جرّ، وقبل اسمٌ مجرور بمن، كما تقول: مررتُ بزيد، مِنْ قَبْلِهِمْ: جار ومجرر، ((مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ)) [القصص:٤٣] مِنْ بَعْدِ: (من) حرف جر، وبعد: اسم مجرور بمن.