للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتُستعمَل استعمال الأسماء ((حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ)) [المجادلة:٨] مبتدأ وخبر، حسب: مبتدأ، وجهنم: خبر، والعكس أولى، حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ، حسبُ قيلَ مبتدأ، هذا المشهور عند النحاة، وجهنم خبر، والأولى العكس، يجوزُ العكس لكن الأولى العكس لماذا؟ لأن جهنم عَلمٌ فهو معرّف بالعلمية، وحسبهم نكرة مختصّة، إذن كونها نكرة هل يمنعُ من الابتداء بها لأنها مختصّة؟ لما أُضيفت إلى الضمير اختصَّت ولم تتعرَف؛ لأنها لا تتعرف بالإضافة، فلما أُضيفت إلى الضمير صارت نكرة مختصّة، وهذا لا يمنعُ مِن كونها مبتدأ؛ لأن الابتداء يجوزُ بالنكرة المختصّة، وإنما الذي يرجِّح كون جهنم هو المبتدأ كونه مُعرَّف بالعلمية، وسبقَ معنا أن الأعرفَ هو الذي يُجعَل مبتدأ، هذا وجهٌ، ((حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ)) [المجادلة:٨]، ((فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ)) [الأنفال:٦٢] هذا واضح، (فَإِنَّ حَسْبَكَ) هذا وقع اسم إن، حسب هذا اسم إن، ولفظ الجلالة خبر إن، (بحسبك درهم) مبتدأ وخبر، (بحسبك) مبتدأ، و (درهم) خبر، ويجوزُ العكس فيكون درهم هذا نكرة غير مختصة، وبحسبك نكرة مختصة، إذن لا يصحُّ أن يكون درهم مبتدأ؛ لأنه تعارَض عندنا أمران هنا؛ نكرتان .. كلّ منهما نكرة، إلا أن إحدى النكرتين مختصّة، والثانية غير مختصّة، حينئذٍ يتعيّنُ أن نجعلَ المختصة هي المبتدأ وغير المختصة هي الخبر، كما في قولك: (في الدار رجل)، يتعين أن يكون رجلٌ هو المبتدأ وفي الدار هو الخبر، إذن (بحسبك درهم)، (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ) حسب مبتدأ، وسوّغَ الابتداء به الاختصاص بالإضافة، وجهنم خبره، ويجوزُ العكس وهو أولى؛ لأن جهنم معرفة بالعلمية، وحسب نكرة مختصّة، "الإعراب الثاني واضح فإن حسبهم جهنم".

والثالث بحسبك، هذا مبتدأ نكرة مختصة، ودرهم خبر نكرة غير مختصّة ولا يجوز العكس.

وبهذا الاستعمال الثاني يُردّ على مَن زعمَ أنها اسم فعل بمعنى يكفي، يعني استعمال الثاني .. استعمالَ الأسماء كونها تأتي مبتدأ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ، واسم إن ((فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ)) [الأنفال:٦٢] وتأتي مجرورة بحسبك، في هذه التصرّفات ودخول العوامل عليها نحكمُ عليها بكونها لا يمكن أن تكون اسمَ فعل، لماذا؟ لأن أسماءَ الأفعال كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى، كما سيأتي أنه لا يدخل عليها العوامل اللفظية، وهذا يكاد يكون محلّ وفاق، فلما دخلت عليها الباء بحسبك، ((فَإِنَّ حَسْبَكَ)) [الأنفال:٦٢] إذن لا يمكن أن تكون اسم فعلٍ بمعنى يكفي؛ لدخول العوامل اللفظية عليها، والمعنوية كذلك على الأرجح وإن كان فيه خلاف.