للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وَمَنْ يَمْنَعْهُ) فيهما، يعني: (فِي اسْمِ الجِنْسِ وَالمُشَارِ لَهْ)؛ لأن بعض النحاة ألحقوا اسْم الجِنْسِ، واسْمِ الإشارة بالمندوب، والمُضمر، والمُستغاث، بأنه لا يجوزُ حذفُ حرف النداء البتة منها، فهي خمسة حينئذٍ بإدخال اسْمِ الجِنْسِ وَالمُشَارِ لَهْ، لكن بعضهم: يرى الجواز، ونصره ابن مالك.

وَمَنْ يَمْنَعْهُ فيهما أصلاً، (فَانْصُرْ عَاذِلَهْ) يعني: لائِمَهُ على ذلك.

والمنع مذهب البصريين، والجواز مذهب الكوفيين، من يمنع هم البصريون، يمنعون ماذا؟ يمنعون حذف حرف النداء مع اسْمِ الجِنْس .. النكرة المقصودة، ويمنعون حذف حرف النداء مع اسم الإشارة، فلا يجوز عندهم مطلقاً بلا استثناء، وجَوَّزَه الكوفيون بناءً على وروده في السمع مطلقاً، لكنه على قلة، وابن مالك وافق الكوفيين، والصواب: هو مذهب الكوفيين لوروده؛ لأنه ورد في السماع.

قال الشارح هنا: لا يجوز حذف حرف النداء مع المندوب، نحو: وازيداه، ولا مع الضمير نحو: يا إياك قد كَفيتُكَ .. كُفِتُكَ يُقرأ بالوجهين، ولا مع المستغاث نحو: يا لزيدٍِ، هذه الثلاثة نَصَّ عليها ابن مالك هنا بالمفهوم: بأنه لا يجوز حذف حرف النِداء معها، وزدنا عليها أربعة، وأمَّا غير هذه، ما هو؟ غير هذه المذكورات فهو جائزٌ.

حينئذٍ ذَكَرَ الأقسام الثلاثة كلها، ما يمتنع حذف حرف النداء معه، ذَكَرَ ثلاثة منها، بالمنطوق يجوز إذا لم يكن واحداً من هذه الثلاثة، ما يجوز مع قِلَّةٍ أشار إليه بالبيت الثاني: (وَذَاكَ فِي اسْمِ الجِنْسِ وَالمُشَارِ لَهْ قَلَّ) فهو قليل، إذاً: البيت الأول تَضَمَّن قسمين: الممتنع، والجائز مطلقاً، ثُم قيَّدَ الجواز مطلقاً بقوله: (وَذَاكَ فِي اسْمِ الجِنْسِ وَالمُشَارِ لَهْ) لأن قوله: (وَغَيرُ مَنْدُوبٍ) وما عُطِفَ عليه قد يُعَرَّى، قد يُفهم منه أنه يجوز فيه مُطلقاً، ودخلَ فيه اسمُ الجنس واسم الإشارة، بأنه مطلقاً يستوي فيه الحذفُ وعدمه، ولمَّا كان الحذف قليلاً في اسمِ الجنسِ، واسمُ الإشارة قَيَّده هنا وهو القسم الثاني.

قال هنا: " وأمَّا غير هذه فيُحذَفُ معها الحرف جوازاً "، حينئذٍ الحذف يكون في غير الخمسة، فيما إذا كان علماً: يا زيدُ أَقبل .. زيد أقبل، يجوزُ فيه الوجهان، يا زيد أقبل هنا علم، ليس واحداً من هذه الأمور الخمسة التي عناها الناظم ((يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا)) [يوسف:٢٩].

وقد يكون مُضافاً: يا غُلامَ زيدٍ أقبل .. غلام زيدٍ أقبل، ((أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ)) [الدخان:١٨] يا عباد الله حُذِفَ لكونه مُضافاً.

وكذلكَ الموصول: "مَنْ لاَ يَزَالُ مُحسِناً أَحْسَنْ إليَّ، يعني: يا من لا يزال محسناً.

وكذلك: المُطَوَّل الذي هو الشبيه بالمضاف: طالعاً جبلاً أقبل.

و (أي) أيها المؤمنون، حينئذٍ هذه كلها مما يجوزُ فيه بكثرة، ليس مما نَصَّ عليه بكونه قليلاً، القليل في اثنين فقط: اسْمِ الجِنْسِ، وَالمُشَارِ إليه، وما عدا هذا حينئذٍ يدخل فيه العلم، ويدخل فيه المُضاف، والموصول، والمُطَوَّل، و (أي) هذه كلها كثيرٌ فيها حذف حرف النداء.