للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذاً: إذا بُنيَ على حركة هذا دَلَّ على أن بناءه ليس أصلياً، وكانت ضمة، لماذا .. لا فتحة ولا كسرة؟ لأنه لو بُنيَ على الكسرِ لالتبس بالمُنادى المضاف إلى (ياء) المُتَكلِّم عند حذف ياءه: عبدي .. يا عبدي، حينئذٍ لو بُنيَ على الكسر لأشبه المُنَادى المُعرَّف هنا المُضاف إلى ياء المُتَكلِّم مُنَادىً وقد حُذِفت ياؤه؛ لأنه سيأتي يُقالُ: يا عبدِ، بالكسر مع حذف الياء، لو قيل: يا زيدِ حينئذٍ يحتمل أنه مضاف وحُذِفت ياؤه.

لالتبس بالمُنادى المضاف إلى (ياء) المُتَكلِّم عند حذف ياءه اكتفاءً بالكسرة أو على الفتح .. لالتبس به عند حذف ألفه: عبدَا .. كَعَبْدَ عَبْدِ، عبدَا أصله: عبديَ، ثم نُقِلَت الكسرة فتحة فقُلِبَت الياءُ ألفاً فصار عبدَا، لو حُذِفت الألف التي هي نائبة عن الياء أو مُنقلبة عن الياء صار يا عبدَا، لو قيل: يا زيدَا لاحتمل أنه مضافٌ إلى (ياء) المُتَكلِّم وقُلِبت الكسرة فتحة.

وأمَّا جوازُ الضَمِّ: يا عبدُ هذا محتمل .. يا زيدُ، قالوا: هذا قليل فلا يُلتفتُ إليه، بخلاف الكسر والفتح. وأمَّا جوازُ الضَمِّ عند حذف ياءه فلا يَرِد؛ لأنه قليلٌ فلا يُنظرُ إليه.

وَابْنِ المُعَرَّفَ المُنَادَى المُفْرَدَا ... عَلَى الَّذِي فِي رَفْعِهِ قَدْ عُهِدَا

فتقول: يا زيدٌ، ونحو: يا مُوسى .. يا قاضيِ، قاضي .. موسى نقول: هنا مبني أو لا؟ مبني لا شك فيه، وحينئذٍ يكون البِناء على ضَمٍّ ظاهرٍ كـ: يا زيدُ، ويكون كذلك على ضمٍ مُقَدَّر يا مُوسى، إذاً ونحوِ: يا مُوسى ويا قاضيِ، فيه ضَمَّةٌ مُقدَّرة، ويا قاضيِ .. قاضٍ .. يا قاضي، أين التنوين؟ ذهب مع البِناء، بعضهم جَوَّزَ أن يكون باقياً على أصله بحذف الياء: يا قاضٍ هذا أصله، دخلت عليه (يا) حينئذٍ صار مبنياً فسُلِبَ التنوين الذي هو تنوين التمكين كما مر معنا.

ويا قاضي بحذف التنوين اتفاقاً لحدوث البِناء وإثبات الياء، إذ مُوجبُ حذفها غير موجود، وما هو مُوجبُ الحذف؟ التنوين، فحُذفَ التنوين للبناء؛ لأن التنوين .. تنوين التمكين لا يُجامِع البِناء .. تنوين التمكين الذي يدل على الإعراب وتمكن الاسم في الإعراب لا يُجامع البِناء، ولذلك هناك: لا مسلماتٍ، جاز بقاء التنوين؛ لأنه ليس تنوين تمكين.

إذ لا مُوجب لحذفها، وذهبَ المُبَرِّد: إلى أن الياء تُحذف: يا قاض؛ لأن النداء دخل على اسمٍ مُنوَّن محذوف الياء، فيبقى حذفها بحال وتُقدَّرُ الضَمَّة فيها، لكن هذا حُكيَ الإجماع على خلافه.

قال الشارح هنا: " لا يخلوا المُنَادى من أن يكون مفرداً، أو مضافاً، أو مشبَّهاً به، فإن كان مفرداً: فإمَّا أن يكون معرفة، أو نكرة مقصودة، أو نكرة غير مقصودة "، واحد من ثلاثة: إذا كان مفرداً، إمَّا أن يكون معرفة، أو نكرة مقصودة، أو نكرة غير مقصودة، فإن كان مفرداً معرفةً أو نكرة مقصودة بُنيَ على ما كان يُرفعُ به لو كان مُعرَباً.

وقوله: معرفة يعني: سواءٌ كان ذلك التعريف سابقاً على النداء، نحو: يا زيدُ، أو عارضاً فيه بسبب القصد والإقبال وهو النكرة المقصودة، يعني: التعريف في النداء نوعان: