للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عقيل: " واحترز بقوله: (إِنْ تُفِدْ مَفْهُومَ مَعْ) عَمَّا إذا لم تُفِد ذلك بأن كانت للعطف فقط، بل أردت التَّشريك بين الفعل والفعل، أو أردت جعل ما بعد الواو خبراً لمبتدأٍ محذوف فإنه لا يجوز حِينئذٍ النَّصب، ولهذا جاز فيما بعد الواو في قولك: لا تَأْكُل السمك وَتَشْرَبُ اللبن، ثلاثة أوجه:

الجزم على التشريك بين الفعلين.

والثاني: الرفع على إضمار مبتدأ، أي: وأنت تَشْرَبُ اللبن، أو ولك شُرْبُ اللبن.

والثالث: النصب على معنى النهي عن الجمع بينهما" لكن إذا أُريد النصب لا يُمَثَّل هنا (إِنْ تُفِدْ مَفْهُومَ مَعْ) لا يُمثَّل بحالة النَّصب وإنَّما يُمثل بحالة الرَّفع والجزم فقط، فيقال في قولك: لا تأكل السمك وَتَشْرَبُ، في مثل هذا التَّركيب لا يجوز، لأنَّك ما قَصَدْتَ المعيَّة، إذاً: لا يجوز لك النصب.

كذلك: لا تأكل السمك وَتَشْرَبِ اللبن، إذا جزمت حينئذٍ لم تُشرِّك .. انتفت المعيَّة، وأمَّا إذا نويت المعية نصبت على الأصل، كما أنَّه إذا نويت المعيَّة لا يجوز لك الرفع ولا يجوز لك الجزم، فالقول هنا: بأنَّها ثلاثة أنواع يجوز فيها النصب هذا جاء على الأصل .. جاء موافقاً للبيت، والكلام إنَّما يُمثَّل به في الرفع والجزم فحسب، وأمَّا النصب لا، لأنَّه ما نُصِب إلا أنَّها للمعيَّة فدل على أنَّها موافقةٌ للنَّظم: (إنْ تُفِدْ مَفْهُومَ مَعْ).

إنَّما يرد السؤال فيما إذا لم (تُفِدْ مَفْهُومَ مَعْ) وذلك إذا رُفِع أو جُزِم فقط، حينئذٍ في الرفع والجزم لا يجوز النَّصب البتَّة، وهذا كما ذكرناه سابقاً: إذا حُكِي قراءتان، أو ضبط لبيت، أو نحو ذلك برفعٍ ونصب وكان المعنى متغايراً لا نجعلهما من مورد واحد، نفك هذا باعتبار وهذا باعتبار، لأنَّ المعنيين قد يكون بينهما تضاد.

فلا يُجمع بينهما في تركيبٍ واحد بمعنىً واحد، ونقول: يجوز الرفع والنصب كما ذكرناه في: (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ .. حَتَّى يَقُولُ) ما يكون الرفع والنصب في موضع واحد، كيف يكون المراد به الاستقبال والحال في موضع واحد؟! هذا تناقض.

والثالث: النصب على معنى النهي عن الجمع بينهما إلى آخر ما ذكره.

ثُمَّ قال:

وَبَعْدَ غَيرِ النَّفْيِ جَزْماً اعْتَمِدْ ... إِنْ تَسْقُطِ الفَا وَالجَزَاءُ قَدْ قُصِدْ

ما سبق من الفاء فيما ذكرناه إذا سقطت الفاء وَقُصِد الجزاء، ما معنى الجزاء؟ أن يكون الثاني مُرتَّباً على الأول، بمعنى: أن يكون الأول سبباً للثاني، حينئذٍ جاز لك الجزم .. تجزم الفعل، وتنصب إذا ذُكِرت الفاء، أَسقِط الفاء مع قصد الجزاء قالوا: يجوز لك الجزم.