للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذم، فإنه ليس للشره في تناول الدنيا وجه، لأنه يخرج عن النفع إلى الأذى، ويشغل عن طلب الأخرى، فيفوت المقصود، ويصير بمثابة من أقبل يعلف الناقة، ويرد لها الماء، ويغير عليها ألوان الثياب، وينسى أن الرفقة قد سارت، فإنه يبقى في البادية فريسة للسباع هو وناقته.

ولا وجه أيضًا للتقصير في تناول الحاجة، لأن الناقة لا تقوى على السير، إلا بتناول ما يصلحها، فالطريق السليم هي: الوسطى، وهي أن يؤخذ من الدنيا قدر ما يحتاج إليه من الزاد للسلوك، وإن كان مشتهى، فإن إعطاء النفس ما تشتهيه عون لها وقضاء لحقها (١).

قال عون بن عبد الله: الدنيا والآخرة في القلب: ككفتي الميزان، ما ترجح أحدهما تخف الأخرى (٢).

ومن يحمد الدنيا لعيش يسره ... فسوف لعمري عن قليل يلومها

إذا أدبرت كانت على المرء حسرة ... وإن أقبلت كانت كثيرًا همومها (٣)

وقيل للحسن: يا أبا سعيد: من أشد الناس صراخًا يوم القيامة؟ فقال: رجل رزق نعمة؛ فاستعان بها على معصية الله (٤).


(١) مختصر منهاج القاصدين: ٢١١.
(٢) تزكية النفوس: ١٢٩.
(٣) بستان العارفين: ١٧.
(٤) الحسن البصري: ٤٧.

<<  <   >  >>