قِيلَ: مَعاذَ الله! بلْ هُوَ مستوٍ عَلَى العرشِ، كَمَا أخبرَ فِي كتابهِ فقال: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: ٥]، وقال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠] وقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: ١٦]. ولوْ كَانَ فِي كلِّ مكانٍ، لكانَ فِي جوفِ الإنسانِ وفمهِ وفي الحشوشِ والمواضعِ التي يُرْغَبُ عنْ ذكرهَا - تَعَالَى اللهُ عنْ ذَلِكَ! ـ ولوجبَ أن يزيدَ بزيادةِ الأماكنِ إِذَا خلقَ منها مَا لَمْ يكن خلقهُ، وينقصُ بنقصانها إِذَا بطلَ منها مَا كَانَ؛ ولصحَّ أنْ يرْغبَ إليهِ إِلَى نحو الأرضِ وإلى وراءِ ظهورنَا وعنْ أيماننا وشمائلنَا. وهذا مَا قَدْ أجمعَ المسلمونَ عَلَى خلافهِ وتخطئةِ قائلهِ.
فإنْ قالوا: أَفَلَيْسَ قَدْ قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤]- فأخبرَ أنَّهُ فِي السَّمَاءِ وفي الأرضِ - وقال: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقُوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ *} [النحل: ١٢٨]، وقال: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:]، وقال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} [المجادلة: ٧] فِي نظائر لهذهِ الآياتِ. فمَا أنكرتم أنَّهُ فِي كلِّ مكانٍ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute