للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقصودُ: أنَّ الأحاديثَ صريحةٌ في إطلاقِ لفظِ النزولِ، ولم يردْ فيها لفظةُ «بذاتهِ» فمنْ أطلقها إنَّما أرادَ بها الردَّ على الجهميَّةِ والمعطِّلةِ والمفوِّضةِ، ومنْ لمْ يطلقها فقدْ وقفَ مَعَ النُّصوصِ، مع إقرارهِ بإثبات معنى النزولِ.

السؤال الثاني:

كيفَ نجمعُ بينَ قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «تفتحُ أبوابُ السّمَاءِ نصفَ الليلِ، فينادي منادٍ: هلْ منْ داعٍ فيستجابُ لهُ؟ هلْ منْ سائلٍ فيُعطى؟ هلْ منْ مكروبٍ فيفرَّج عنهُ؟ فلا يبقى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلَّا استجابَ اللهُ تعالى لهُ؛ إلَّا زانيةً تَسْعَى بفَرْجِها، أَوْ عَشّارًا» (١). وحديثِ النزولِ؟

قلنا: وأيُّ منافاةٍ بينَ هَذَا وبينَ قولهِ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا فيقولُ» وهلْ يسوغُ أنْ يقالَ إنَّ المنادي يقولُ: «أنا الملكُ» ويقولُ: «لاَ أسألُ عن عبادي غيري» ويقولُ: «منْ يستغفرني فأغفرَ لهُ؟» وأيُّ بُعْدٍ فِي أنْ يأمرَ مناديًا ينادي «هلْ منْ سائلٍ فيستجابَ له؟» ثمَّ يقولُ هو سبحانهُ: «من يسأَلُني فأستجيبَ لَهُ؟» وهلْ هذا إلَّا أبلغُ فِي الكرمِ والإحسانِ: أنْ يأمرَ مناديهُ يقولُ ذلكَ، ويقولهُ سبحانهُ بنفسهِ؟ وتتصادقُ الرواياتُ كلُّها عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولا نصدِّقُ بعضَهَا، ونكذِّبُ مَا هوَ أصحُّ منهُ، وباللهِ تعالى التوفيق (٢).


(١) رواه الطبراني فِي «الأوسط» (٢٧٦٩)، وصححه الألبانيُّ فِي «صحيح الجامع» (٢٩٧١).
(٢) تهذيب سنن أبي داود (٧/ ١٢٦ - ١٢٧) لابن القيم.

<<  <   >  >>