للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومقالةُ مُتَأَخِّري المتكلِّمينَ [مِنَ المعتزلةِ والماتريديةِ والأشعريةِ]: أنَّ الله تعالى ليسَ في السَّمَاءِ، ولا على العرشِ، ولا على السَّمَاوَاتِ، ولا في الأرضِ، ولا داخلَ العالمِ، ولا خارجَ العالمِ، ولا هوَ بائنٌ عنْ خلقهِ ولا متَّصلٌ بهم! وقالوا: جميعُ هذهِ الأشياءِ صفاتٌ للأجسامِ والله تعالى فمنزَّهٌ عَنِ الجسمِ!.

قالَ لهم أهلُ السنَّةِ والأثرِ: نحنُ لاَ نخوضُ في ذلكَ، ونقولُ ما ذكرناهُ اتِّباعًا للنُّصوصِ، وإنْ زعمتم ... ولا نقولُ بقولكمْ، فإنَّ هذهِ السلوبَ نعوتُ المعدومِ، تعالى الله جلّ جلاله عَنِ العدمِ، بلْ هوَ موجودٌ متميِّزٌ عنْ خلقهِ، موصوفٌ بما وصفَ بهِ نفسَهُ، منْ أنَّهُ فَوْقَ العَرْشِ بِلاَ كَيْفٍ» (١).

أقولُ: أرجو أنْ يتدبَّرَ كلامُ هذا الإمامِ.

فقدْ ذكرَ في مسألةِ علوِّ الله تعالى ثلاثةَ مذاهبَ:

الأولُ: مذهبُ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ أصحابِ الحديثِ: وهو أنَّ الله فوقَ العالَمِ بائنٌ منْ خَلْقِهِ عَالٍ على العَرْشٍ، وأنَّ هذا هو قولُ اللهِ ورسولِه صلى الله عليه وسلم وجميعِ المؤمنين.

والثاني: قولُ أصحابِ جَهْم بنِ صَفْوانَ: وهو أنَّ الله تعالى في كلِّ مكانٍ، وهو قولُ الحُلوليةِ.

والثالثُ: قولُ المُعَطِّلةِ كالمعتزلةِ والماتريديةِ والأشعريةِ: وهو أنَّ الله تعالى لا فوقَ العالَمِ ولا تحتهُ ولا داخلَ العالمِ ولا خارجَهُ ولا مُتَّصِلٌ بالعالَمِ ولا منفصلٌ عنهُ (٢).

١٦ - عبدُ الله بنُ المباركِ، شيخُ الإسلامِ (١٨١هـ)

قالَ عليُّ بنُ الحسنِ بن شقيق: قلتُ لعبدِ الله بنِ المبارك: كيفَ نعرفُ ربَّنا عزَّ وجلَّ؟ قَالَ: «بِأَنَّهُ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى العَرْشِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ» (٣).


(١) العلو (ص٩٧٠).
(٢) التنبيهات السنية على الهفوات العقدية (ص٣٧٨).
(٣) أخرجه الدارمي في «الرد على الجهمية» (٦٧) بسند صحيح.

<<  <   >  >>