للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٠ - نُعَيمُ بن حمَّاد الخزاعيُّ الحافظ (٢٢٨هـ)

قال الرماديُّ: سألتُ نعيمَ بنَ حمَّادٍ عنْ قولِ اللهِ تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: ٤] قالَ: «معناهُ أنَّهُ لا يَخْفَى عليهِ خافيةٌ بِعِلْمِهِ، ألا تَرَى قولَهُ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة: ٧]» (١).

وقالَ رحمه الله: «منْ شَبَّهَ اللهَ بِخَلْقِهِ، فقدْ كَفَرَ، ومنْ أنكرَ ما وَصَفَ بهِ نفسَهُ، فقدْ كَفَرَ، وليسَ ما وصفَ بهِ نفسَهُ وَلاَ رسولُهُ تشبيهًا» (٢).

وعقَّبَ الذهبيُّ عَلَى هذا الكلامِ بقولهِ: «قلتُ: هذاَ الكلامُ حقٌّ، نعوذُ باللهِ مِنَ التَّشبيهِ ومنْ إنكارِ أحاديثِ الصِّفاتِ، فما يُنْكِرُ الثَابتَ منهَا مَنْ فَقُهَ، وإنَّما بعدَ الإيمانِ بها هنا مقامانِ مذمومانِ:

تأويلُهَا وصرفُهَا عنْ موضوعِ الخِطابِ، فمَا أَوَّلَها السَّلفُ وَلاَ حَرَّفوا ألفاظَهَا عنْ مواضعِهَا؛ بلْ آمنوا بهَا، وأَمَرُّوهَا كَمَا جاءتْ.

المقامُ الثاني: المبالغةُ فِي إثباتها، وتصوُّرُهَا منْ جنسِ صفاتِ البشرِ، وتشكُّلهَا فِي الذِّهنِ، فهذا جهلٌ وضلالٌ، وإنَّما الصِّفةُ تابعةٌ للموصوفِ؛ فإذا كانَ الموصوفُ عزَّ وجلَّ لمْ نرَهُ، وَلاَ أخبرنَا أحدٌ أنَّهُ عاينهُ مَعَ قولهِ لنَا فِي تنزيلهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] فكيفَ بقيَ لأذهاننا مجالٌ فِي إثباتِ كيفيَّةِ الباري، تعالى الله عنْ ذلكَ، فكذلكَ صفاتُهُ المُقَدَّسَةُ، نُقِرُّ بهَا ونعتقدُ أنَّها حقٌّ، وَلاَ نُمَثِّلها أصلًا وَلاَ نَتَشَكَّلُهَا» (٣).


(١) رواه الذهبي فِي «العلو» (ص١٠٩٢)، وصححه الألباني رحمه الله في «مختصر العلو» (ص١٨٤).
(٢) رواه الذهبي فِي «العلو» (ص١٠٩٢)، وصححه الألباني رحمه الله في «مختصر العلو» (ص١٨٤).
(٣) السير (١٠/ ٦١٠ - ٦١١).

<<  <   >  >>