للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالثُ:

التَّصريحُ بالعروجِ إليهِ سبحانه وتعالى.

قالَ الله سبحانه وتعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: ٥]، وقالَ عزَّ وجلَّ: {مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج:٣ - ٤].

قالَ مجاهدٌ رحمه الله: يقالُ: ذي المعارجِ: الملائكةُ تعرجُ إلى الله (١).

وقالَ الطبريُّ رحمه الله: يقولُ تعالى ذكرهُ: تصعدُ الملائكةُ والرُّوحُ - وهوَ جبريلُ عليه السلام - إليهِ يعني: إلى الله جلَّ وعزَّ، والهاءُ في قولهِ «إليهِ» عائدةٌ على اسمِ اللهِ (٢).

وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِم - فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» (٣).

قالَ ابنُ خزيمةَ رحمه الله: وفي الخبرِ ما بانَ وثبتَ وصحَّ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ في السَّماءِ، وأنَّ الملائكةَ تصعدُ إليهِ مِنَ الدُّنيا، لاَ كمَا زعمتِ الجَهْمِيَّةُ (٤) المُعَطِّلَةُ (٥).


(١) رواه البخاري (١٣/ ٤٢٦) تعليقًا مجزومًا به.
(٢) جامع البيان (م١٤/ج٢٩/ص٨٧).
(٣) رواه البخاري (٥٥٥) و (٣٢٢٣) و (٧٤٢٩) و (٧٤٨٦)، ومسلم (٦٣٢).
(٤) قال الحافظُ الذهبيُّ في «تاريخ الاسلام» (ص٦٨)، حوادث ووفيات ١٢١هـ ١٤٠هـ: «كان الناسُ في عافيةٍ وسلامةِ فطرةٍ حتى نَبغَ جهمٌ فتكلَّمَ في الباري تعالى وفي صفاته بخلافِ ما أَتَتْ به الرسلُ، وأُنزلت به الكتبُ، نسألُ اللهَ السلامةَ في الدِّينِ».
(٥) التوحيد (ص٣٨١) لابن خزيمة.

<<  <   >  >>