للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنَّ المعاني المذكورةَ فيهِ صحيحةٌ إلَّا قولهُ «أو على شيءٍ» ففيهِ مصادمةٌ لقولهِ تعالى: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: ٥] فإنَّ استواءَ الرَّبِّ سبحانه بغيرِ كيفيَّةٍ كما قالَ الإمامُ مالكٍ وغيرهُ. وجلَّ الله سبحانهُ أنْ يكونَ محمولًا أو محصورًا؛ بلْ جميعُ الخلقِ محمولونَ بقدرتهِ محصورونَ في قبضتهِ. تعالى الله عمَّا يقولُ المعطِّلة والمشبِّهةُ علوًّا كبيرًا (١).

الشُّبْهَةُ الرَّابِعَةُ عَشْرَةَ

قال الزرقانيُّ: إذا كنتم تأخذونَ بظواهرِ النُّصوصِ على حقيقتها، فماذا تفعلونَ بمثلِ قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: ١٦]، مَعَ قولهِ تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} [الأنعام: ٣]؟ أتقولونَ: إنَّهُ في السَّماءِ حقيقةً؟ أم في الأرضِ حقيقةً؟ أمْ فيهما معًا حقيقةً؟ وإذا كانَ في الأرضِ وحدهَا حقيقةً فكيفَ تكونُ لهُ جهةُ فوق ولا يقالُ: لهُ جهةُ تحت؟ ولماذا يشارُ إليهِ فوق ولا يشارُ إليهِ تحت؟ (٢).

إنَّ هذا الكلامَ أشبهُ بكلامِ أهلِ الجهلِ والضَّلالِ، ومنْ لا يدري ما يخرجُ منهُ منَ المقالِ، منْ كلامِ أهلِ العقلِ والعلمِ والبيانِ، وهوَ أشبهُ بكلامِ جهَّالِ القصَّاصِ والمغالطينَ، منْ كلامِ العلماءِ المجادلينَ بالحقِّ (٣).


(١) تنبيه النبيه والغبي في الرد على المدارسي والحلبي (ص٢٨ - ٢٩).
(٢) مناهل العرفان (٢/ ٣١٦)، طبعة دار الكتب العلمية - الأولى.
(٣) بيان تلبيس الجهمية (١/ ٣٦٩ - ٣٧٠).

<<  <   >  >>