للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابنُ القيِّمُ رحمه الله: «فأثبتَ في هذهِ الكلمةِ أنَّ صفاتهِ إنَّما تُتلقَّى بالسَّمعِ، لا بآراءِ الخلقِ، وأنَّ أوصافَهُ فوقَ ما يصفهُ بهِ الخلقُ، فتضمَّنتْ هذهِ الكلمةُ، إثباتَ صفاتِ الكمالِ الذي أثبتهُ لنفسهِ، وتنزيهَهُ عَنِ العيوبِ والنَّقائصِ والتَّمثيلِ، وأنَّ ما وصفَ بهِ نَفْسَهُ فهوَ الذي يُوصَفُ بهِ، لا مَا وَصَفَهُ به الخلقُ» (١).

٢٢ - يزيدُ بنُ هارونَ الواسطيُّ (٢٠٦هـ)

قال يزيدُ بنُ هارون رحمه الله: «مَنْ زَعَمَ أنَّ {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} على خِلاَفِ ما يَقِرُ في قُلُوبِ العَامَّةِ فهوَ جَهْمِيٌّ» (٢).

قال الذهبيُّ معقِّبًا: «وهذا الذي قالهُ هوَ الحقُّ؛ لأنَّهُ لو كانَ معناهُ على خلافِ ما يَقِرُ فى القلوبِ السَّليمةِ مِنَ الأهواءِ، والفطرةِ الصَّحيحةِ مِنَ الأدواءِ، لوجبَ على الصَّحَّابةِ والتَّابعينَ أنْ يُبَيِّنوا أنَّ استواءَ الله على عرشِهِ على خلافِ ما فَطَرَ اللهُ عليهِ خَلْقَهُ، وَجَبَلَهُم على اعتقادِهِ، اللهمَّ إلَّا أنْ يكونَ في بعضِ الأغبياءِ منْ يفهمُ مِنْ أنَّ الله في السَّماء، أو على العرشِ [أنَّه محيِّزٌ وأنَّهما حَيِّزٌ له]، وأنَّ العرشَ محيطٌ بهِ، فكيَّفَ ذلكَ في ذهنهِ وبفهمهِ، كمَا بدر في الشَّاهدِ من أيِّ جسمٍ كانَ، على أيِّ جسمٍ، فهذا حالُ جاهلٍ و [مَا] أظنُّ أنَّ أحدًا اعتقدَ ذلكَ مِنَ العامَّةِ ولا قالهُ، وحاشَا يزيدَ بنَ هارونَ أنْ يكونَ مرادُهُ هذا وإنَّما مرادهُ ما تقدَّمَ» (٣).


(١) الصواعق (ص١٥٣ - ١٥٤).
(٢) أخرجه أبو داود في «المسائل» (ص٢٦٨) بسند جيد.
(٣) كتاب العرش (٢/ ٢٠٦ - ٢٠٧)، للحافظ الذهبي.

<<  <   >  >>