فالجوابُ: أنَّ المرادَ على أنَّهُ أرادَ بالحفظِ والرعايةِ والنَّصرِ والتأييدِ مَعَ الذين اتقوا ومَعَ المحسنينَ ومَعَ موسى وهارون عليهما السلام، فلا يُقَاسُ على هذا أنَّه معَ الفسَّاقِ والكفَّارِ، ولا مَعَ الكلابِ والخنازيرِ تعالى الله عنْ ذلكَ عُلُوًّا كبيرًا.
وَتَأَوَّلَتِ المعتزلةُ ومَنْ تَابَعَهُم قولَ الله سبحانه:{الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *}[طه: ٥] على أنَّ الاستواءَ هو الاستيلاءُ والقهرُ واحتَجُّوا بقولِ الشَّاعرِ:
قَدِ استوى بِشْرٌ على العِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ ولا دَمٍ مِهْرَاقِ
والجوابُ: أنَّهُ لا يُقَالُ هذا إلَّا لمنْ كان عاجزًا عن قهرِ شيءٍ ثمَّ قهرهُ واستولى عليهِ، واللهُ سبحانه قاهرٌ ومُسْتَولٍ على كلِّ شيءٍ.
ولو كانَ ما ذكروهُ صحيحًا لجازَ أنْ يُقالَ: إنَّ الله مُسْتَوٍ على الحشوشِ والأمكنةِ التي يرغبُ عنْ ذكرِهَا لأنَّهُ مُسْتَولٍ عليهَا، ولو كانَ كذلكَ لم يَكُنْ لذكرهِ للعرشِ معنًى.
وأمَّا الأشعريةُ فقالوا: إذا قلتم إنَّه على العرشِ أفضى إلى أنَّهُ يكونُ محدودًا أو أنَّهُ يفتقرُ إلى مكانٍ وجهةٍ تحيطُ بهِ، وتعالى الله عنْ ذلكَ.