للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدلَّتْ هذهِ الآيةُ على أنَّ الذينَ عندهُ همْ قريبونَ إليهِ و «لو كانَ موجبُ العنديةِ معنًى عامًا، كدخولهمْ تحتَ قدرتهِ ومشيئتهِ وأمثالِ ذلكَ: لكانَ كلُّ مخلوقٍ عندهُ؛ ولم يكنْ أحدٌ مستكبرًا عنْ عبادتهِ، بلْ مسبِّحًا لهُ ساجدًا، وقدْ قالَ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠] وهوَ سبحانهُ وصفَ الملائكةَ بذلكَ ردًّا على الكفَّارِ المستكبرينَ عنْ عبادتهِ» (١).

قال ابنُ القيِّم رحمه الله:

لَوْ لَمْ يَكُنْ سُبْحَانَه فَوقَ الوَرَى ... كَانُوا جَمِيعًا عِنْدَ ذِي السُّلْطَانِ

وَيَكُونُ عِنْدَ اللهِ إبْليسُ وَجِبـ ... ـرِيلُ هُمَا في العِنْد مُسْتَوِيَانِ (٢)

وقالَ تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *} [آل عمران: ١٦٩].

قَالَ مَسْرُوقٌ رحمه الله: سَأَلْنَا عَبْدَ اللهِ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *} [آل عمران: ١٦٩]. قَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ - يَعْنِي: النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم -: «أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُم اطِّلاعَةً فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟» (٣).


(١) مجموع الفتاوى (٥/ ١٦٥ - ١٦٦).
(٢) الكافية الشافية (ص١١٢).
(٣) رواه مسلم (١٨٨٧).

<<  <   >  >>