للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الثامنةُ): أنَّهم التزموا لذلكَ تجهيلَ السَّلف وأنَّهم كانوا أُمِّيِّينَ مقبلينَ عَلَى الزُّهدِ والعبادةِ والورعِ والتسبيحِ وقيامِ الليلِ (١) ولم تكن الحقائقُ مِنْ شأنهم (٢).

(التاسعةُ): أنَّ تركَ النَّاسِ مِنْ إنزالِ هذهِ النُّصوصِ كانَ أنفعَ لهمْ وأقربَ إِلَى الصَّوابِ، وخيرًا «لهم منْ إنزالها إليهم؛ فإنَّها أوهمتهمْ وأفْهمتهمْ غيرَ المرادِ، وأوقعتهمْ في اعْتقادِ الباطلِ، ولمْ يتبيَّنْ لهمْ ما هو الحقُّ في نفسهِ؛ بلْ أُحيلوا فيهِ على ما يستخرجونهُ بعقولهمْ وأفْكارهمْ ومقايسهم» (٣).

قَالَ ابنُ القيِّم رحمه الله:

لَوْ كَانَ حَقًّا مَا يَقُولُ مُعَطِّلٌ ... لعُلُوِّهِ وَصِفَاتِهِ الرَّحْمنِ

لَزِمَتْكُمُ شُنَعٌ ثَلاَثٌ فَارْتَؤوا ... أَوْ خُلَّةٌ مِنْهُنَّ أَوْ ثِنْتَانِ

تَقْدِيمُهُمْ فِي العِلْمِ أَوْ فِي نُصْحِهِمْ ... أَوْ فِي البَيَانِ أَذَاكَ ذُو إِمْكَانِ

إِنْ كَانَ مَا قَدْ قُلْتُمُ حَقًّا فَقَدْ ... ضَلَّ الوَرَى بالوَحْي والقُرْآنِ

إِذْ فِيهِمَا ضِدُّ الَّذِي قُلْتُمُ وَمَا ... ضِدَّانِ فِي المَعْقُولِ يَجْتَمِعَانِ

بَلْ كَانَ أَوْلى أَنْ يُعَطَّلَ مِنْهُمَا ... وَيُحَالَ فِي عِلْمٍ وَفِي عُرْفَانِ

إِمَّا عَلَى جَهْمٍ وَجَعْدٍ أَوْ عَلَى النّـ ... ظَّامِ أَوْ ذِي المذْهَبِ اليُونَانِ

وَكَذَاكَ أَتْباعٌ لَهُمْ فَقْعُ الفَلاَ ... صُمٌّ وبكْمٌ تَابعو العُمْيَانِ


(١) قال شيخ الاسلام رحمه الله في «الفتاوى الكبرى» (٦/ ٦٢٦): «فمن ادَّعى أنه حقق من العلم بأصول الدين أو من الجهاد ما لم يحققوه، كان من أجهلِ الناس وأضلَّهم، وهو بمنزلةِ مَنْ يدَّعي مِنْ أهل الزهد والعبادة والنسك أنهم حقَّقُوا من العباداتِ والمعارفِ والمقاماتِ والأحوالِ ما لم يحقِّقْه الصحابةُ».
(٢) الصواعق (ص٣١٤ - ٣١٨).
(٣) إعلام الموقعين (٢/ ٣١٨).

<<  <   >  >>