الأصلُ في هذا البابِ أنَّ كلَّ ما ثبتَ في كتابِ الله تعالى، أو سنَّةِ رسولهِ صلى الله عليه وسلم وجبَ التَّصديقُ بهِ، مثلُ علوِّ الرَّبِّ، واستوائهِ على عرشهِ ونحو ذلكَ. وأمَّا الألفاظُ المبتدعةُ في النَّفيِ والإثباتِ، مثلُ قولِ القائلِ: هوَ في جهةٍ أو ليسَ في جهةٍ، وهو متحيِّزٌ أو ليسَ بمتحيِّزٍ، ونحو ذلكَ مِنَ الألفاظِ التي تنازعَ فيهَا النَّاسُ، وليسَ مع أحدهمْ نصٌّ لا عَنِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم، ولا عَنِ الصَّحابةِ رضي الله عنهم، والتابعينَ لهمْ بإحسانٍ، ولا أئمَّةِ المسلمين. هؤلاءِ لمْ يقلْ أحدٌ منهم: إنَّ الله تعالى في جهةٍ، ولا قالَ ليسَ هوَ في جهةٍ، ولا قالَ: هوَ متحيِّزٌ، ولا قالَ: ليسَ بمتحيِّزٍ، بلْ ولا قالَ: هو جسمٌ أو جوهرٌ، ولا قالَ: ليسَ بجسمٍ ولا جوهرٍ. فهذهِ الألفاظُ ليستْ منصوصةً في الكتابِ، ولا السنَّةِ، ولا الإجماعِ، والنَّاطقونَ بها قدْ يريدونَ معنًى صحيحًا وقدْ يريدونَ معنًى فاسدًا، فإنْ أرادوا معنًى صحيحًا يوافقُ الكتابَ والسنَّةَ، كانَ ذلكَ مقبولًا منهمْ. وإنْ أرادوا معنًى فاسدًا يخالفُ الكتابَ والسنَّةَ، كانَ ذلكَ المعنى مردودًا عليهم.