للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هؤلاءِ النُّفاةِ كثيرًا ما يتكلَّمونَ بالأوهامِ والخيالاتِ الفاسدةِ، ويصفونَ الله بالنَّقائصِ والآفاتِ، ويمثِّلونهُ بالمخلوقاتِ، بلْ بالنَّاقصاتِ، بلْ بالمعدوماتِ، بلْ بالممتنعاتِ، فكلُّ ما يضيفونهُ إلى أهلِ الإثباتِ الذينَ يصفونهُ بصفاتِ الكمالِ وينزِّهونهُ عَنِ النَّقائصِ والعيوبِ، وأنْ يكونَ لهُ في شيءٍ منْ صفاتهِ كُفوٌ أوْ سَمِيٌّ، فما يضيفونهُ إلى هؤلاءِ منْ زعمهم أنَّهم يحكِّمونَ بموجبِ الوهمِ والخيالِ الفاسدِ، أو أنَّهم يصفونَ الله بالنَّقائصِ والعيوبِ، أو أنَّهم يشبِّهونهُ بالمخلوقاتِ، هو بهم أَخْلَقُ، وهو بهم أعلقُ، وهمْ بهِ أحقُّ، فإنَّكَ لا تجدُ أحدًا سلبَ الله ما وصفَ بهِ نفسَهُ منْ صفاتِ الكمالِ، إلَّا وقولهُ يتضمَّنُ لوصفهِ بما يستلزمُ ذلكَ مِنَ النَّقائصِ والعيوبِ ولمثيلهِ بالمخلوقاتِ، وتجدهُ قد توهَّمَ وتخيَّلَ أوهامًا وخيالاتٍ فاسدةٍ غير مطابقةٍ بنى عليها قولَهُ منْ جنسِ هذا الوهمِ والخيالِ، وأنَّهم يتوهَّمون ويتخيَّلون أنَّهُ إذا كانَ فوقَ العرشِ كانَ محتاجًا إلى العرشِ، كما أنَّ الملكَ إذا كانَ فوقَ كرسيِّهِ كان محتاجًا إلى كرسيِّه (١)، وكمَا يحتاجُ الإنسانُ إلى السَّطحِ أو السريرِ. وهذا «تشبيهٌ لهُ بالمخلوقِ الضعيفِ العاجزِ الفقيرِ» (٢) وقياسٌ فاسدٌ؛ لأنَّ «قياسَ الله الخالقُ لكلِّ شيءٍ الغنيُّ عنْ كلِّ شيءٍ، الصمدُ الذي يفتقرُ إليهِ كلُّ شيءٍ بالمخلوقاتِ الضعيفةِ المحتاجةِ عدلٌ لها بربِّ العالمينَ، ومنْ عدلها بربِّ العالمينَ فإنَّهُ في ضلالٍ مبينٍ» (٣).


(١) درء تعارض العقل والنقل (٧/ ١٩).
(٢) بيان تلبيس الجهمية (٢/ ١٢٦).
(٣) بيان تلبيس الجهمية (٢/ ١٢٥).

<<  <   >  >>