للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذهِ الجنَّةُ سَقْفُها الذي هوَ العرشُ فوقَ الأفلاكِ مع أنَّ الجنَّةَ في السَّماءِ، والسَّماءُ يُرادُ بهِ العُلُوُّ.

ولمَّا كانَ قَدِ استقرَّ في نفوسِ المُخاطَبينَ أنَّ اللهَ هوَ العليُّ الأعلى وأنَّهُ فوقَ كلِّ شيءٍ كانَ المفهومُ منْ قولهِ: «مَنْ فِي السَّماءِ»، أنَّهُ في العُلُوِّ وأنَّهُ فوقَ كُلِّ شيءٍ.

وإذا قيلَ: «العلوُّ» فإنَّهُ يتناولُ ما فوقَ المخلوقاتِ كلِّهَا، فمَا فوقهَا كلِّهَا هو في السَّماءِ، ولا يقتضي هذا أنْ يكونَ هناكَ ظرفٌ وجوديٌّ يحيطُ بهِ، إذْ ليسَ فوقَ العالَمِ شيءٌ موجودٌ إلَّا اللهُ، كمَا لو قيلَ: إنَّ العرشَ في السَّماء فإنَّهُ لا يقتضي أنْ يكونَ العرشُ في شيءٍ آخرَ موجودٍ مخلوقٍ.

وإذا قُدِّرَ أنَّ السَّماءَ المرادُ بها الأفلاكُ، كانَ المرادُ أنَّهُ عليهَا كما قالَ: {وَلأَُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: ٧١]، وقالَ: {فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ} [آل عمران: ١٣٧] {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ} [التوبة: ٢]. ويقالُ: فلانٌ في الجبلِ وفي السَّطحِ، وإنْ كانَ على أعلى شيءٍ فيهِ (١).

قال الحافظُ الذهبيُّ رحمه الله: وكونهُ - عزَّ وجلَّ - في السماءِ متواترٌ عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تواترًا لفظيًا، فَمِنْ ذلكَ (٢):


(١) الرسالة التدمرية (ص٨٥ - ٨٩)، تحقيق محمد بن عودة السعوي.
(٢) الأربعين في صفات ربِّ العالمين (ص٥٣ - ٥٤) للذهبي، طبعة مكتبة العلوم والحكم - المدينة النبوية - الأولى.

<<  <   >  >>