للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمعنى هذه الآيةِ الكريمةِ عندَ سلفِ هذهِ الأمَّةِ وأئمَّةِ السنةِ: أمَا تخافونَ الله الذي هوَ على السَّماءِ العالي على خلقهِ وفوقَ عبادهِ أنْ يرسلَ عليكمْ حاصبًا، وأنْ يخسفَ بكمُ الأرضَ.

ثمَّ سياقُ هذهِ الآيةِ وكلمةُ «منْ» الموصولةُ، وكلمةُ «يرسل» وكلمةُ «يخسف» معَ كثرةِ تلكَ الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويَّةِ وفطرةِ جميعِ بني آدمَ كلِّها تدلُّ دلالةً قاطعةً على أنَّ تأويلَ النَّسفيِّ لهذهِ الآيةِ تحريفٌ وهميٌ، كما تدلُّ على أنَّ الصحيحَ الحقَّ الصريحَ هو أنَّ الله تعالى في جهةِ العلوِّ فوقَ العالمِ عالٍ على خلقهِ أجمعين.

وأمَّا التَّحريفُ الثاني: وهوَ قولُ النَّسفيِّ: إنَّ هذهِ الآيةَ محمولةٌ على زعمِ المشركينَ من المشبِّهةِ: أنَّ الله تعالى فوقَ السَّماءِ، فقالَ الله تعالى لهم: أنتم أيُّها المشركونَ المشبِّهونَ تعتقدونَ أنَّ الله تعالى في السَّماءِ، فلمَ لا تخافونهُ.

أقولُ: قصدَ النَّسفيُّ أنَّ عقيدةَ كونِ الله تعالى في السَّماءِ، مِنَ العقائدِ الفاسدةِ للمشبِّهةِ المشركينَ، وليستْ هذهِ العقيدةُ مِنَ العقائدِ الصحيحةِ للموحِّدينَ المسلمينَ!!.

وانظرْ أيُّها المسلمُ كيفَ حرَّفَ المصنِّفُ معنى هذهِ الآيةِ!! حتَّى جعلَ العقيدةَ السَّلفيةَ - أي العلوُّ لله تعالى - عقيدةً للمشبِّهةِ المشركينَ، فقدْ حكمَ على عقيدةِ جميعِ الأنبياءِ والمرسلينَ والصَّحابةِ والتَّابعينَ وأئمَّةِ هذا الدِّينِ - وهي عقيدةُ علوِّ الله تعالى على خلقهِ - بأنَّها عقيدةُ المشبِّهةِ المشركينَ.

وقدْ ردَّ عليه علامةُ العراقِ الألوسيُّ المفسِّرُ حيثُ قالَ:

<<  <   >  >>