الإيمانُ بهذا واجبٌ، ولا يسعُ المسلمَ العاقلَ أنْ يقولَ: كيفَ ينزلُ؟ ولا يردُّ هذا إلَّا المعتزلةُ؛ وأمَّا أهلُ الحقِّ فيقولونَ: الإيمانُ بهِ واجبٌ بلا كيفٍ، لأنَّ الأخبارَ قدْ صحَّتْ عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: أنَّ الله عزَّ وجلَّ ينزلُ إلى السَّمَاءِ الدُّنيا كلَّ ليلةٍ، والذينَ نقلوا إلينا هذهِ الأخبارَ هم الذينَ نقلوا إلينا الأحكامَ مِنَ الحلالِ والحرامِ، وعلمِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ والصِّيامِ والحجِّ والجهادِ، فكمَا قبلَ العلماءُ عنهم ذلكَ، كذلكَ قبلوا منهم هذهِ السُّننَ، وقالوا: مَنْ رَدَّها فهو ضَالٌّ خَبِيثٌ، يَحْذَرُونَهُ ويُحَذِّرُونَ منهُ» (١).
وقالَ الإمامُ الدارميُّ رحمه الله - بعدَ أنْ ذكرَ جملةً منْ أحاديثِ النزولِ -: فهذهِ الأحاديثُ قدْ جاءتْ كلُّها وأكثرُ منها في نزولِ الرَّبِّ تبارك وتعالى في هذهِ المواطنِ، وعلى تصديقها والإيمانِ بها أدركنا أهلَ الفقهِ والبصرِ منْ مشايخنا، لا ينكرُهَا منهم أحدٌ، ولا يمتنعُ منْ روايتها، حتَّى ظهرت هذه العصابةُ، فعارضتْ آثارَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بردٍّ، وتشمَّروا لدفعها بجدٍّ، فقالوا: كيفَ نزولهُ هذا؟ قلنا: لم نُكَلَّف [معرفةَ] كيفيةِ نزولهِ في ديننا، ولا تعقلهُ قلوبنا، وليسَ كمثلهِ شيءٌ منْ خلقهِ فنشَبِّهُ منهُ فعلًا أو صفةً بفعالهم وصفتهم، ولكنْ ينزلُ بقدرتهِ ولطفِ ربوبيتهِ كيفَ يشاءُ، فالكيفُ منهُ غيرُ معقولٍ، والإيمانُ بقولِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في نزولهِ واجبٌ، ولا يُسألُ الرَّبُّ عمَّا يفعلُ كيفَ يفعلُ، وهم يسألونَ، لأنَّهُ القادرُ على ما يشاءُ أنْ يفعلَهُ كيفَ يشاءُ، وإنَّما يقالُ لفعلِ المخلوقِ الضعيفِ الذي لا قدرةَ لهُ إلَّا ما أقدرهُ الله تعالى عليهِ: كيف يصنعُ؟! وكيف قدرَ؟!