أنَّ هؤلاءِ المعطِّلةِ كلّهم أنكروا أنْ يكونَ لله تعالى كلامٌ بحرفٍ وصوتٍ! فكيفَ يمكنُ لهم أنْ يسمعوا نداءَ الله تعالى؟! وكيفَ يقرعُ صوتَ الله تعالى أسماعهم؟! لأنَّهم قائلونَ ببدعةِ الكلام النفسيِّ الذي ليس بحرفٍ ولا بصوتٍ فهم أبشعُ حالًا وأشنعُ بدعةً في بابِ تعطيلِ صفةِ الكلامِ من الجهمِيَّةِ الأولى؛ لأنَّ الجهميَّةَ الأولى كانوا يقولونَ ببدعةِ خلقِ القرآنِ فقطْ، وأمَّا هؤلاءِ المعطِّلةِ فهمْ يقولونَ مَعَ القولِ ببدعةِ خلقِ القرآنِ، ببدعةِ القولِ بالكلامِ النفسيِّ. فخرقوا بذلكَ إجماعَ أهلِ السنَّةِ، وأتوا بما لا يقرُّه عقلٌ صريحٌ، ولا نقلٌ صحيح، ولا لغةٌ، ولا عرفٌ ولا إجماعٌ.
الخامسُ:
أنَّ هؤلاءِ المعطِّلة لكثيرٍ مِنَ الصِّفاتِ ولا سيَّما صفةَ النزولِ، قد أوَّلُوا حديثَ النزولِ وحرَّفوه إلى: نزولِ الملكِ، فيقولونَ: إنَّ الله لا ينزلُ بنفسهِ، بلْ ينزلُ ملكٌ مِنَ الملائكةِ بأمرهِ، فينادي هذا الملكُ ويقولُ:«منْ يدعوني .. ، منْ يسألني ... ، منْ يستغفرني ... ».
أقولُ: إذا كانَ الأمرُ كذلكَ، وأنَّ الملكَ ينزلُ وينادي فهلْ أهلُ التأويلِ سمعوا نداءَ هذا الملكِ؟!
وهل طرقَ صوتُ هذا الملكِ الذي ينزلُ وينادي أسماعَهم؟!
وإذا لم يسمعوا نداءَ هذا الملكِ، فأيُّ فائدةٍ منْ نزولِ هذا الملكِ وندائهِ؟!
ونحنُ نقلبُ كلامهم عليهم ونقولُ لهم: وإذا كانَ نزولُ هذا الملكِ مِنَ السَّماءِ الدنيا ليسمعنَا نداءهُ، فهذا الملكُ لم يسمعنا نداءهُ وصوتهُ، فأيُّ فائدةٍ منْ نزولهِ.