للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ محمَّدُ بنُ حاتمٍ المظفريُّ: سمعتُ عمرو بن محمد يقولُ: كانَ أبو معاوية الضريرُ يحدِّثُ هارونَ الرشيد، فحدثَّهُ بحديثِ أبي هريرةَ: «احتجَّ آدمُ وموسى» (١) فقالَ عليُّ بنُ جعفرٍ: كيفَ هذا وبينَ آدمَ وموسى ما بينهما؟! قالَ: فوثبَ بهِ هارونُ وقالَ: يحدِّثكَ عَنِ الرسول صلى الله عليه وسلم وتعارضهُ بكيفَ؟! فما زالَ يقولُ حتَّى سكتَ عنهُ (٢).

قالَ المحدِّثُ الصابونيُّ معقِّبًا: هكذا ينبغي للمرءِ أنْ يعظِّمَ أخبارَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ويقابلها بالقبولِ والتسليمِ والتَّصديقِ، وينكرُ أشدَّ الإنكارِ على منْ يسلكُ فيها غيرَ هذا الطريقِ الذي سلكهُ هارونُ الرشيدُ رحمه الله معَ مَنِ اعترضَ على الخبرِ الصَّحيحِ الذي سمعهُ بـ «كيف»؟! على طريقِ الإنكارِ لهُ، والابتعادِ عنهُ، ولمْ يتلقَّهُ بالقبولِ كمَا يجبُ أنْ يتلقَّى جميعُ ما يردُ مِنَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم.

جعلنا الله سبحانهُ مِنَ الذينَ يستمعونَ القولَ ويتَّبعونَ أحسنهُ ويتمسَّكونَ في دنياهم مدَّةَ حياتهم بالكتابِ والسنَّةِ، وجنَّبنا الأهواءَ المضلَّةَ والآراءَ المضمحلةَ والأسواءَ المذلَّةَ، فضلًا منهُ ومنَّةً (٣).


(١) رواه البخاري (٣٤٠٩ و٦٦١٤ و٧٥١٥) ومسلم (٢٦٥٢).
(٢) أخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (٢/ ١٨١)، وعنه الخطيب في «تاريخ بغداد» (٥/ ٢٤٣) من طريق آخر وبألفاظ مختلفة، وإسناده صحيح. انظر: «عقيدة السلف أصحاب الحديث» (ص١٢٧)، تحقيق: بدر البدر.
(٣) عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص١٢٧ - ١٢٨) تحقيق: بدر البدر.

<<  <   >  >>