واللهُ سبحانهُ قدْ فطرَ العبادَ - عربهم وعجمهم - على أنَّهم إذا دعوهُ توجَّهتْ قلوبهم إلى العلوِّ، ولا يقصدونَهُ تحتَ أرجلهمْ، ولهذا قَالَ بعضُ العارفينَ: مَا قَالَ عارفٌ قطٌّ: يَا الله!! إِلَّا وجدَ فِي قلبهِ - قبلَ أَنْ يتحرَّكَ لسانهُ - معنًى يطلبُ العلوَّ، لاَ يلتفتُ يمنةً وَلاَ يسرةً.
وأمَّا القائلُ الذي يقولُ:«إنَّ الله تعالى لا ينحصرُ في مكانٍ» إنْ أرادَ بهِ أنَّ الله تعالى لا ينحصرُ في جوفِ المخلوقاتِ، وأنَّه لا يحتاجُ إلى شيءٍ منها، فقدْ أصابَ، وإنْ أرادَ أنَّ الله سبحانه وتعالى ليسَ فوقَ السمواتِ، ولا هوَ مستوٍ على العرشِ استواءً لائقًا بذاتهِ، وليسَ هناكَ إلهٌ يعبدُ، ومحمَّدٌ صلى الله عليه وسلم لم يعرجْ بهِ إلى اللهِ تعالى؛ فهذا جهميٌّ فرعونيٌّ معطِّلٌ.