للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ بِشْر بنُ عمر رحمه الله (٢٠٧هـ): «سمعتُ غيرَ واحدٍ منَ المفسِّرينَ يقولونَ: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: ٥]، على العرشِ ارتفع» (١).

وقالَ يزيدُ بنُ هارون رحمه الله (٢٠٦هـ) وقيلَ لهُ: مَنِ الجهميَّةُ؟ قالَ: «منْ زعمَ أنَّ {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: ٥] على خلافِ ما يَقِرُ في قلوبِ العامَّةِ فهوَ جهميٌّ» (٢).

قالَ الإمامُ الذهبيُّ رحمه الله معقِّبًا: «(يَقِرُ): مخففٌ، و (العامَّةُ): مرادهُ بهم جمهورُ الأمَّةِ وأهلُ العلمِ، والذي وقرَ في قلوبهم مِنَ الآيةِ هوَ ما دلَّ عليهِ الخطابُ معَ يقينهم بأنَّ المستوي ليسَ كمثلهِ شيءٌ. هذا الذي وقرَ في فِطَرِهِم السَّليمةِ، وأذهانهم الصَّحيحةِ، ولوْ كانَ له معنًى وراءَ ذلكَ، لَتَفَوَّهُوا بهِ ولما أهملوهُ، ولو تأوَّلَ أحدٌ منهم الاستواءَ، لتوفَّرتِ الهِمَمُ على نقلهِ، ولو نُقِلَ لاشتهرَ. فإنْ كانَ في بعضِ جَهَلَةِ الأغبياءِ منْ يفهمُ مِنَ الاستواءِ ما يوجبُ نقصًا أو قياسًا للشاهدِ على الغائبِ؛ وللمخلوقِ على الخالقِ، فهذا نادرٌ، فمنْ نطقَ بذلكَ زُجِرَ وعُلِّم، وما أظنُّ أنَّ أحدًا مِنَ العامَّةِ يَقِرُ في نفسهِ ذلكَ، واللهُ أعلمُ» (٣).


(١) أخرجه الذهبي في العلو (ص١٠١١)، وقال الألباني في «مختصر العلو» (ص١٦٠): «وهذا إسناد صحيح مسلسل بالثقات الحفاظ».
(٢) أخرجه أبو داود في «المسائل» (ص٢٦٨) بسند جيد.
(٣) العلو (٢/ ١٠٣١).

<<  <   >  >>