للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني:

أنَّ الله سبحانه وتعالى وصفَ القرآنَ بأنَّه: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: ٥٧]، ووصفهُ بقوله: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: ١٥]، وقالَ تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩].

فلمَّا أخبرَ سبحانه وتعالى بأنَّ القرآنَ شفاءٌ، وهدىً، ورحمةٌ، ونورٌ، ومبينٌ، ولم يستثنِ منهُ شيئًا دلَّ على أنَّهُ كلَّهُ كذلكَ، وأنَّهُ ممَّا يمكنُ فهمُ معناه، ولو لمْ يمكنْ فهمُ معناه لمْ تتحقَّقْ فيهِ هذهِ الصفاتُ (١).

الثالثُ:

أنَّ الله سبحانه وتعالى قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *} [يوسف: ٢]، وقال: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *} [الزخرف: ٣].

فبيَّن سبحانهُ أنَّهُ أنزلهُ عربيًّا ليعقلَ، والعقلُ لا يكونُ إلَّا معَ العلمِ بمعانيه (٢).

الرابعُ:

أنَّ الله سبحانه وتعالى قال: {وَمِنْهُمْ أُمِيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ *} [البقرة: ٧٨].

فالله تعالى قدْ ذَمَّ هؤلاءِ الذينَ لا يعرفونَ الكتابَ إلَّا تلاوةً دونَ فهمِ معانيهِ، كما ذمَّ الذين يحرِّفون الكلمَ عنْ مواضعهِ منْ بعد ما عقلوهُ وهم يعلمونَ، فإنَّه سبحانه وتعالى قالَ عقبَ الآيةِ السابقةِ: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيدِيهِمْ وَوَيلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ *} [البقرة: ٧٩].


(١) انظر: مجموع الفتاوى (١٧/ ٣٩٦).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٥/ ١٥٨).

<<  <   >  >>