٢٥ - إذا كانتِ الملائكةُ وهم مخلوقونَ من النُّورِ، وهمْ لا يأكلونَ ولا يشربونَ؛ بل همْ صمدٌ ليسوا جوفًا - كالإنسانِ ـ، وهم يتكلَّمونَ ويسمعونَ ويبصرونَ ويصعدونَ وينزلونَ كما ثبتَ ذلكَ بالنُّصوصِ الصحيحةِ، وهم مع ذلكَ لا تماثلُ صفاتُهم وأفعالُهم صفاتِ الإنسانِ وفعلَهُ؛ فالخالقُ تعالى: أعظمُ مباينة لمخلوقاتهِ منْ مباينةِ الملائكةِ للآدميينَ؛ فإنَّ كليهما مخلوقٌ، والمخلوقُ أقربُ إلى مشابهةِ المخلوقِ من المخلوقِ إلى الخالقِ سبحانه وتعالى.
٢٦ - منْ فهمَ منْ قولهِ تعالى:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الفرقان: ٥٩]، ما يختصُّ بالمخلوقِ، كما يفهمُ منْ قوله:{فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ}[المؤمنون: ٢٨]، فقدْ أُتيَ مِنْ سوءِ فهمهِ، ونقصِ عقلهِ، لا منْ قصورٍ في بيانِ الله ورسولهِ؛ فإنَّ ظاهرَ اللفظِ يدلُّ على استواءٍ يضافُ إلى الله عزَّ وجلَّ كما يدلُّ في تلكَ الآيةِ على استواءٍ يضافُ إلى العبدِ.
وإذا كانَ المستوي ليسَ مماثلًا للمستوي، لم يكنِ الاستواءُ مماثلًا للاستواءِ.