للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمنْ كان قصدهُ الحقَّ وإظهارَ الصَّوابِ اكتفى بما قدَّمناهُ، ومَنْ كانَ قصدهُ الجدالَ والقيلَ والقالَ والمكابرةَ (١)، فإنَّ آياتِ اللهِ تتلى عليهِ، وكلامَ رسولهِ، وَلاَ يزيدهُ ذَلِكَ إلَّا مرضًا عَلَى مرضهِ (٢). فلا يبْصرُ للشَّمسِ ضياءً، ولا للقمرِ نورًا. فهوَ كمَا قالَ الله عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: ٤٠] وقالَ سبحانه وتعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا *} [النحل: ٨٢] وقالَ عزَّ وجلَّ: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ} [البقرة: ٢٦] وقالَ سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: ١٢٤، ١٢٥] وقالَ عزَّ وجلَّ: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً} [فصلت: ٤٤].

وكمَا قالَ القائلُ:

ولكن عَلَى تلكَ القلوبِ أكنَّةً ... فليستْ وإنْ أصغتْ تجيبُ المناديا (٣)

ولا سيَّما إذا صادفتْ أذهانًا سقيمةً، فكيفَ إذا انضافَ إلى ذلكَ هوًى وتعصُّبٌ؟!

فقُلْ للعُيُونِ الرُّمْدِ إيَّاكِ أنْ تَرَيْ ... سنا الشَّمْسِ فاسْتغْشي ظلامَ اللَّياليا (٤)

وقالَ القائلُ:

ومن يكُ ذا فمٍ مُرٍّ مريضٍ ... يجدْ مُرًّا بهِ الماءَ الزُّلالا (٥)


(١) مجموع الفتاوى (٤/ ٧) ..
(٢) الصواعق (٤/ ١٢٥٤).
(٣) التبْيان في أقْسام القرآن (ص٢٢١).
(٤) زاد المعاد (٣/ ٤١).
(٥) مفتاح دار السعادة (١/ ٣٤٣)، تحقيق: الشيخ علي حسن عبد الحميد.

<<  <   >  >>