للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نشهدُ شهادةَ مقرٍّ بلسانهِ، مصدِّقٍ بقلبهِ، مستيقنٍ بما في هذهِ الأخبارِ منْ ذكرِ نزولِ الرَّبِّ منْ غيرِ أنْ يصفَ الكيفيَّةَ لأنَّ نبيَّنا المصطفى صلى الله عليه وسلم لمْ يصفْ لنا كيفيَّةَ نزولِ خالقنَا إلى السَّماءِ الدنيا وأعلمنا أنَّهُ ينزلُ، والله جلَّ وعلا لمْ يتركْ ولا نبيَّهُ عليه السلام بيانَ ما بالمسلمينَ إليهِ الحاجة منْ أمرِ دينهم، فنحنُ قائلونَ مصدِّقونَ بما في هذهِ الأخبارِ منْ ذكرِ النزولِ غيرُ متكلِّفينَ القولَ بصفتهِ أو بصفةِ الكيفيَّةِ، إذِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لمْ يصفْ لنا كيفيَّةَ النزولِ.

وفي هذهِ الأخبارِ ما بانَ وثبتَ وصحَّ أنَّ الله جلَّ وعلا فوقَ سماء الدُّنيا - الذي أخبرنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم أنَّهُ ينزلُ إليها - إذْ محالٌ في لغةِ العربِ أنْ يقولَ: ينزلُ منْ أسفلَ إلى أعلى، ومفهومُ الخطابِ أنَّ النزولَ منْ أعلى إلى أسفلَ (١).

وقالَ أبو العبَّاس السرَّاج رحمه الله (٣١٣هـ): «منْ لم يُقِرَّ ويؤمنْ بأنَّ اللهَ تعالى يعجَبُ، ويضحَكُ، وينزلُ كلَّ ليلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنيا، فيقولُ: «منْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيه؟» فهو زنديقٌ كافرٌ، يستتابُ، فإنْ تابَ وإلَّا ضُرِبَتْ عنقهُ، ولا يُصَلَّى عليهِ ولا يُدْفنُ في مقابرِ المسْلمينَ» (٢).

قالَ الذهبيُّ معقِّبًا عَلَى هَذَا الأثرِ: «قلتُ: إنَّما يكفرُ بعدَ علمهِ بأنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم قالَ ذلكَ، ثمَّ إنَّهُ جحدَ ذلكَ ولمْ يؤمنْ بهِ» (٣).

وقالَ أبو بكرٍ بن أبي داودَ محدِّثُ بغدادَ (٣١٦هـ):

تَمَسَّكْ بِحَبْلِ الله واتّبع الهُدى ... وَلاَ تَكُ بِدْعيًّا لَعَلَّكَ تُفْلِحُ

وَدِنْ بِكِتَابِ اللهِ وَالسُّنَنِ الّتِي ... أَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ تَنْجُووَتَرْبَحُ


(١) التوحيد (ص١٢٥ - ١٢٦).
(٢) العلوّ (ص٥٣٤).
(٣) العلوّ (ص٢١٤). وانظر: «سير أعلام النبلاء» (١٤/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>