للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: ٥]، وقال: {تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٤]، فبيَّنَ عروجَ الأمرِ، وعروجَ الملائكةِ، ثمَّ وصفَ صعودَهَا بالارتفاعِ صاعدةً إليهِ ...

فإذا صَعَدُوا إلى العرشِ فقدْ صَعَدُوا إلى الله جلَّ وعزَّ، وإنْ كانوا لمْ يَرَوْهُ، ولم يُسَاووهُ في الارتفاعِ في عُلُوِّهِ، فإنَّهم قدْ صَعَدُوا مِنَ الأرضِ، وعَرَجُوا بالأمرِ إلى العُلُوِّ الذي اللهُ عزَّ وجلَّ فوقَهُ ...

وقالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠]. وكلامُ الملائكةِ أكثرُ وأطيبُ منْ كلامِ الآدميينَ، فلمْ يَقُلْ ينزلُ إليهِ الكَلِمُ الطَّيِّبُ.

وقال عنْ عيسى عليه السلام: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: ١٥٨]، ولمْ يقلْ عندَهُ.

وقالَ عنْ فرعونَ: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} [غافر: ٣٦ - ٣٧]، ثمَّ استأنفَ فقالَ: {وَإِنِّي لأََظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: ٣٦ - ٣٧]، فيمَا قالَ لي إنَّهُ في السَّماءِ، فطلبهُ حيثُ قال لهُ موسى مَعَ الظَّنِّ منهُ بموسى عليه السلام أنَّهُ كاذبٌ، ولوْ أنَّ موسى عليه السلام، أخبرهُ أنَّه في كلِّ مكانٍ بذاتهِ، لطلبهُ في الأرضِ أو في بيتهِ وبَدَنِهِ ولمْ يَتَعَنَّ بِبُنْيَانِ الصَّرْحِ» (١).

وكذلكَ قولهُ: {فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤] فلمْ يقلْ في السَّمَاءِ ثمَّ قطعَ كمَا قالَ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: ١٦]، فقال: {فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} [الزخرف: ٨٤]، فأخبرَ أنَّهُ إلهُ أهلِ السَّماءِ وإلهُ أهلِ الأرضِ.


(١) العقل وفهم القرآن (ص٣٤٩ - ٣٥٢)، تحقيق: د. حسين القوتلي.

<<  <   >  >>