وقدْ علمَ العالِمُونَ، أنَّ اللهَ قبلَ أنْ يخلقَ خلقَهُ قدْ كانَ متخلِّصًا منْ خلقهِ، بائنًا منهم، فكيفَ دخلَ فيهم؟! تبارك وتعالى أنْ يوصفَ بهذهِ الصِّفةِ، بلْ هُوَ فَوْقَ العَرْشِ كمَا قالَ، محيطٌ بالعرشِ، متخلِّصٌ منْ خلقهِ بيِّنٌ منهم، علمهُ في خلقهِ لا يخرجونَ منْ علمهِ ...
قال عزَّ وجلَّ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} [المجادلة: ٧]، وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: ٤]، ففسَّرَ العلماءُ قولَهُ: {وَهُوَ مَعَكُمْ} [الحديد: ٤] يعني: عِلْمَهُ، وقالَ عزَّ وجلَّ: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *} [طه: ٥]، فاللهُ تعالى استوى على العرشِ يرى كلَّ شيءٍ في السَّماواتِ والأرضينَ، ويعلمُ ويسمعُ كلَّ ذلكَ بعينهِ وهُوَ فَوْقَ العَرْشِ، يرى ويسمعُ ما في الأرضِ السفلى، ولكنَّهُ خلقَ العرشَ كما خلقَ الخلقَ لمَّا شاءَ، وكيفَ شاءَ، وما يحملهُ إلَّا عظمتهُ فقالَ: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ *} [السجدة: ٥]، وقال عزَّ وجلَّ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠]، وقال عزَّ وجلَّ: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: ٥٥]، وقال: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: ١٥٧، ١٥٨] وأجمعَ الخلقُ جميعًا أنَّهم إذا دَعَوْا اللهَ جميعًا، رفعوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute