أن يبدأ بالضرورة من عملية (مكاملة) من ناحية، ومن عملية تبويب من ناحية أخرى؛ والمظهر الفني يعانق هاتين العمليتين. وإذا كانت العملية الأولى، يمكن أن تبدو لنا على نحو معين من السهولة- بالرغم مما يضفيه عليها العنصر الشيعي من التعقيد- فإن العملية الثانية المتعلقة بالتبويب المتطلب تحديده بين (العوالم الإسلامية)، ستكون أكثر تعقيداً بمراحل. وإذن فإننا إذا ما تناولنا موضوع (كمنويلث إسلامي) باعتباره مجرد موضوع للدراسة، المقصود منه معرفة أكثر بالعالم الإسلامي، أو بغية وضع تصميم لهذا العالم، يتعين علينا بالضرورة أن نأخذ بعين الإعتبار عدداً معيناً من المعطيات العضوية والضرورات المنطقية. ومن بين هذه المعطيات يأتي (المبدأ المكامل) في الاعتبار الأول، إذ لا جدال في أن العالم الإسلامي قد احتفظ- بالرغم من تقلبات تاريخية- بوحدة روحية، تكون عاملاً أساسياً من الوجهة النفسية في تماسك المشروع، ومن الوجهة الفنية في التوفيق بين عناصره، وعلاوة على ذلك، فإن هذه الوحدة لا تستطيع أن تقوم فعَّالياً بدورها (المكامل) إلا إذا تجسمت في صورة موائمة تمثل بشكل إنشائي إرادة العالم الإسلامي الجماعية، ومنذئذ تتعين مراجعة النطر في مشكلة (الْخِلافَة) على ضوء المعطيات الراهنة للعالم الإسلامي. وربما استطاع فقهاء القانون تحديد (الإمامة) تحديداً جديداً، لا يُغفل فيه ما يحمله اليوم المفهوم الإسلامي لكلمة (أمة) من تنوع، من حيث السياسة والجفرافيا والجنس. ويبدو أن هذا المفهوم نفسه قد أخذ يتقلص في الواعية المسلمة، كما تشهد بذلك بعض المظاهر المعينة، فقد تواصلت (الهجرة) إلى بقاع الإسلام المقدسة- وإلى (المدينة) بالخصوص- من طرف الأجيال الإسلامية منذ ثلاثة عشر قرناً؛ ولكن (حق الهجرة) يكون اليوم موضوعاً لتقييدات معينة من طرف السلطة السعودية العامة، ولاحتجاجات معينة من طرف بعض سكان (المدينة) أنفسم، من أولئك المهتمين بمراعاة مصالح مادية مشروعة على أية حال.