ولكي نترجم هذا إلى لغة أكثر تعبيراً نقول: إنه إذا كان المثال البريطاني، قد قُصِدَ به الإجابة عن شواغل سياسية، فإن المثال المسلم يجب أن يُقْصَدَ منه مواجهة المشاكل ذات الصبغة النفسية والاجتماعية التي أشرنا إليها طوال الفصول السالفة.
ولا يجب أن ننسى أن الكمنويلث الإسلامي من وجهة النظر (الوظيفية) يجب أن يمكن البشرية المسلمة، أساسياً، من استدراك تأخرها، واستدراك تخلفها بالنسبة إلى التطور العام، وبالنسبة إلى المساحات الكبيرة المخطَّطة بالخصوص. ومن ثَمَّ فنحن نرى أن مفارقاته مع المثال البريطاني، تذهب أبعد من المشابهات. ويبدو هذا بمزيد من الوضوح، في الدور (الوظيفي) لكل منهما. فلائحة (وستمنستر)، واتفاقيات (أوتاوا)، قد حُدِّدَتا في علاقتهما الوظيفيَّة بالمشاكل الجفرافية- السياسية، التي تعبر إجمالاً عن مشكلة (القوة) البريطانية، كما تبدّت في السنوات العشر التي أعقبت الحرب العالمية الأولى.
وعلى العكس من ذلك، إذا ما وجب تحديد لائحة الكمنويلث الإسلامي، فإن هذا التحديد سيكون مؤكّداً أميل إلي ما له من علاقة وظيفية بالمشاكل التي تتبدَّى، والتي يجب أن توضع في حدود (البقاء).
٦ - نوعية المشاكل:
علاوة على المشاكل ذات الطابع الاجتماعي والأخلاقي التي سبق لنا تحليلها في الفصول السالفة، فإن الكمنويلث الإسلامي- باعتباره (هيئة مُمَرْكِزَة) و (مركزاً للبحوث) - يجب أن يدرس أيضاً بعض المشاكل المعينة ذات الصبغة الفنية الخاصة بالمجتمع الإسلامي.
ففي الإمكان تمييز مستوى هذا المجتمع باعتباره- كما سبق أن فعلت ذلك في دراسة أخرى- في حالة (قبل- حضارية) .. فالمشكلة التي توضع أمام كل مجتمع بشري يوجد في هذه الحالة، تمتد أساسياً إلى عناصره (الحيوية- التاريخية)