Sartriennes)، ولكننا نتساءل: أي علاقة يمكن أن تكون بين عالم (الأشياء) و (الأفكار) الذي أوحى إلى (جان بول سارتر John Paul Sarter) بكتابه: (الغثيان La nausée)، وبين عالمنا نحن؟! ..
حقاً إن التقليد ليذهب مذاهب بعيدة المدى، وهو لا يعضد في هذا المدى غير فوضى من (الأشياء) و (الأفكار): كعالمين منفصلين لا مجال في داخلهما لأي تنظيم، أو كسد يمين ليس بينهما أية صلة جدلية! ..
٥ - الاضطراب:
وبافتقادنا هذا التنظيم الداخلي، الذي يضع كل فرد وكل شيء، حيث ينبغي أن يوضع، نجد العالم الإسلامي لا يمنح الفرد كل الضمانات الاجتماعية لتحسين عمله اليدوي أو الفكري، ولا يتيح له أن يجني ثمار هذا العمل. وإذا كانت بلاد كمصر قد شُرِع فيها بالاهتمام بهذه المشاكل، فذلك راجع في الوقت ذاته تقريباً لتطور الحكم بعيد سنة ١٩٥٢م، وللاستمرار الاجتماعي الذي عضده (النيل) دائماً في هذه البلاد، من حيث معاضدته للنظام الزراعي منذ آلاف السنين؛ ولسوف تزداد الخاصية الاجتماعية لهذا الاستمرار نمواً، مع حركة التصنيع. ومهما يكن من شيء، فإن المشكلة تتناول هنا، من وجهة النظر الإسلامية بصفة عامة، ولم تعد لتتناول من الزاوية السياسية كما سنوضح أسباب ذلك فيما بعد.
وإذن فالمسلم يولد في مجتمع، لا يقدم له الضمانات الضرورية لاكتماله الاجتماعي. وعلاوة على ذلك، فهو يأخذ بعين الاعتبار، وبطريقة غامضة في قليل أو كثير: أن ليس مصيره بوصفه فرداً، هو مثار القضية، ولكنه مصيره بوصفه (مسلماً). فالفرد يجد في نهاية الأمر دائماً في بلاده، نفس الحظوظ التي هي لمواطنيه على سبيل التقريب، إلا إذا تدخل سبب شاذ، أو يد غريبة مثلاً