من البين أنه لا تلزمنا ملاحظة طويلة، لكي نأخذ في اعتبارنا أن (المنطق العمليَّ) ينقص البلاد الإسلامية عموماً؛ فهذا أمر متوقَّع، لأنّ العجز في الأفكار، يخلق أو يُنتِجُ في المجال النفسيّ عجزاً في (المراقبة الذّاتية)، وفي مراجعة (النتائج). ففكرنا لا يقيم علاقات بين النشاطات والجهود والوسائل من ناحية، و (نتائجها) من ناحية أخرى. ومفهوم (المحصول) لا وجود له في تربيتنا الأولى، إذ هو لا يكوّن جزءاً من عالم أفكارنا. بينما المجتمع هو جهاز التّحويل، الذي يحوِّل الطاقات الاجتماعية إلى (نتائج) مختلفة، ولذلك يتعيّن علينا أن نطبِّق عليه (برهان الديناميكا الحرارية)، الذي يعبّر عن العلاقة بين (الطّاقة المستهلَكة) م، و (العمل الحاصل) ر، حسب النسبة الكلاسيكية: المحصول= ر/م.
فالميكانيكيّون يعلمون أن هذا الجهاز، يكون أقرب إلى الكمال عندما تكون قية ر/م أقرب إلى ١ (واحد)؛ مع العلم بأنها تظلّ دائماً دون (الواحد) بحكم طبائع الأشياء. و (الفرق) الموجود بين (الواحد) و (خارج القسمة) يسمَّى (التَبْديد)؛ (فالمحصول) و (التبديد) قيمتان متعاكستان، أعني إذا زاد أحدها نقص الآخر بالضرورة. فإذا كان الجهاز مطلق الجودة، فإن محصوله يكون مساوياً للواحد، وفي هذه الحالة نحصل على ما يسمَّى بـ (الحركة الدّائمة)، وهو أمر مستحيل التحقُّق حسبه قوانين الميكانيكا. وإذن فهناك فجوة بين القيمة الحقيقية للمحصول والواحد، وبهذه الفجوة يمكن أن يقاس مقدار العجز الميكانيكيِّ أو ما يدعى بتبديد الجهاز.